الثلاثاء 30 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الجهل اختيار

الجهل اختيار

فى حفل توقيع كتابى الأول الأسبوع الماضى والذى شرفنى بالحضور جمع كريم من الأصدقاء والمهتمين بقضايا التحول الرقمى طرح السؤال التقليدى عن لماذا لا نستفيد من عصر المعلومات بالقدر المناسب وينزلق الكثيرون نحو التفاهة والسطحية وهو أمر لا يخفى عن أحد.



من ضمن نقاشات الحضور ومشاركاتهم حول تلك النقطة استوقفنى جملة فى تعليق أخى العزيز الدكتور محمد عزام خبير التحول الرقمى والذى يمكن ببحث بسيط على شبكة الإنترنت أن تتعرف عزيزى القارئ على اسهاماته وآرائه، كانت الجملة التى لفتت انتباه الجميع ولا أظن أن أحدا سينساها هى ببساطة أن «الجهل قرار».

نعم هو قرار من المستخدم يأخذه بكامل إرادته فالمناخ وحجم المحتوى المعرفى هذه الأيام قد أصبح كبيرًا جدًا مقارنة بالوضع عندما بدأت شبكة الإنترنت فى الظهور والانتشار قبل 30 عاما من الآن.

اتذكر ويتذكر أبناء جيلى كم المعاناة التى مررنا بها من أجل الحصول على معلومة صغيرة مهمة أو تافهة، كم كنا نقضى ساعات طويلة فى المكتبات العامة للوصول إليها وكم من مرة سألنا من نعتقد أنهم أصحاب خبرة ومعرفة ليقوم أحدهم بالإجابة عن أى سؤال، والمشكلة إننا كنا نعتمد أول إجابة نحصل عليها أنها مسلم بها وأنها صحيحة وربما قضينا سنوات عدة قبل أن نكتشف إنها كانت غير ذلك وربما أيضا نكون قد أخذنا قرارات بناء على تلك المعلومة المغلوطة أو الناقصة أو الصحيحة أحيانا أيضا.

الأمر الآن مختلف تماما وحتى على مستوى اللغة العربية فإن حجم المحتوى العربى على شبكة الإنترنت لا بأس به ويشمل مصادر الأخبار والكتب وقواعد البيانات وصولا إلى الحفلات والمعارض الفنية والندوات الأدبية وخلافه.

كل ذلك بأساليب براقة تشمل المعلومة المقروءة والمسموعة والمرئية من خلال محركات البحث المتطورة التى أحيانا تتوقع ما قد تسأل عنه قبل أن تقوم بذلك بل وتساعدك بمواد علمية أخرى مرتبطة بكلمة البحث الرئيسية، فى الحقيقة أن ذلك يحدث فى الغالب بصورة أوتوماتيكية بغض النظر عن أهمية أو تفاهة الموضوع وهنا يجب أن نعود إلى كلمة الدكتور محمد ونصارح أنفسنا بأن الجهل هو مجرد قرار شخصى قررناه ونعمل فى إطاره وذلك عندما نترك كل هذا الكم المهول من المعلومات والمعارف المفيدة فى جميع المجالات الأساسية ونرتكن إلى الجانب التافه من تلك الشبكة بحجة أننا نحتاج إلى التسلية والترفيه.

أنا هنا لا أنكر أهمية الترفيه والتسلية ولكن بقدر معلوم ومحدود ويجب علينا دائما أن نجعل هذا الحجم صغيرا ونفسح المجال لعقولنا لكى تتزود بما هو مفيد فلا حجة لأحد ولا يستطيع أحد أن يدعى ندرة أو قلة المعلومات ولكن يبدو للأسف أن هذا هو قرارنا بالفعل فمتى نستفيق؟