الأربعاء 13 أغسطس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
قراءة التاريخ

قراءة التاريخ

يبقى التاريخ وأحداث الماضى أكبر معلم وأوثق مرشد لمن يطلب المستقبل وأسوأ السياسيين أولئك الذين لم يقرأوا التاريخ جيدا أو قرأوه ولم يستوعبوا دروسه واستمروا فى الوقوع فى نفس أخطاء أسلافهم، والتاريخ يزخر بالكثير من الأمثلة التى تفسر هذه المقدمة.



عندما وصل جيوش الحملة الصليبية الى شواطئ مصر كان السلطان الصالح نجم الدين أيوب قد دخل مرحلة خطيرة من المرض الذى كان يشتد عليه يوما بعد يوم، ومع ذلك طلب من رجاله نقله إلى مصر فنقلوه من دمشق إلى أشموم طناح حيث ظل يرقب انتصارات الصليبيين على  المماليك الأتراك حتى سقطت دمياط فى أيديهم وهنا بدأ يوبخ الأتراك توبيخا عنيفا وروحه تكاد أن تغادر جسده من شدة المرض ولذا اتفق المماليك الأتراك فيما بينهم على التخلص منه لكن أحدهم اقترح التريث حتى يموت وحده فان لم يمت فهو لهم! اشتد المرض على السلطان أيوب فحمل إلى منزله فى المنصورة ينظم أمور الحرب من فراش الموت، وبينما الصليبيون يواصلون التنقل جنوبا فى اتجاه القاهرة توفى السلطان نجم الدين أيوب وكان موته خسارة جسيمة لمقاتليه، وخلا مجلس السلطان فى هذه الظروف العصيبة وكان له ابن واحد هو توران شاه، وكان شابا عديم الخبرة فى الوقت الذى كان نجم امرأة قوية يبزغ فى سماء مصر ظهرت للعلن بعد وفاة زوجها الصالح أيوب تدعى شجر الدر التى قدرت خطورة الموقف واتفقت هى والطواشى جمال الدين محسن وكان أقرب خدم السلطان له على إخبار  الأمير فخر الدين بن الشيخ بأمر وفاة السلطان على أن يخفياه عن بقية الجنود المماليك الأتراك والشعب أيضا واستدعاء توران شاه ليحل محل أبيه واستمرت القرارات والمناشير تخرج كل يوم وعليها ختم السلطان الميت وكأنه لا يزال حيا! على الرغم من كل هذه الاحتياطات إلا أن لويس التاسع علم بموت السلطان ولذا أسرع بالزحف إلى أن وصل الى نقطة تفرع بحر أشموم من بحر دمياط وهى النقطة المواجهة للمنصورة وأصبح لزاما عليهم عبور بحر أشموم للوصول الى المنصورة وفعلا استطاعت مقدمة جيش الصليبيين بقيادة «روبرت دى أرتو» شقيق لويس الأصغر عبور البحر فى اتجاه المنصورة وهنا انتفضت المماليك البحرية من الجامدارية الأتراك والمماليك البحرية الصالحية للدفاع عن المنصورة، وتصدوا للصليبيين وهزموهم هزيمة ثقيلة بعد أن قتلوا ألفا وخمسمائة منهم وبددوا خوف المسلمين وحملوا عليهم حملة شردتهم وطاردوهم حتى أسروا لويس التاسع نفسه وحبسوه فى دار القاضى فخر الدين إبراهيم بن لقمان ووصل توران شاه إلى مصر وفى نفس الوقت اعلن سلطانا على دمشق واستبشر المصريون خيرا بالسلطان الجديد لكنه لم يكن رجل الساعة وجمع بين سوء الخلق والجهل بشئون السلطة والحكم وكان أهوج وخفيفا وبدأ يحسد المماليك على انتصاراتهم ونفوذهم القوى ونما لديه شعور بأنهم يزاحمونه على الحكم وبدأ يخطط للتخلص منهم وتنكر لزوجة أبيه شجر الدر واتهمها بأنها أخفت ثروة أبيه فتوجست منه شرا واتفقت مع المماليك البحرية وقالت لهم اقتلوا توران شاه الذى لم يحفظ الجميل وتزعم الأمراء الغاضبين بيبرس البندقدارى وقلاوون الصالحى وأقطاى الجامدار وأيبك التركمانى وعندما نزل توران الى فارسكور لاحقته السيوف فاختبأ فى كشك خشبى لكن المماليك أشعلوا النار فيه فخرج منه والنار ممسكة به والٌقى بنفسه فى الماء لكنهم صوبوا الرماح نحوه فمات غريقا محترقا وهو يصيح لا أريد ملكا.