الخميس 19 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

هل ستصبح بلجيكا أول دولة يحكمها الإسلاميون فى أوروبا؟

صفحة أسبوعية يقدمها: سعيــد شعيــب



ترمز الأحرف الأولى لاسم «حزب الإسلام» (ISLAM Party) باللغة الفرنسية إلى: «النزاهة، والتضامن، والحرية، والأصالة، والأخلاق»، وفيما يبدو، ينوى زعماء «حزب الإسلام» تحويل بلجيكا إلى دولة إسلامية يسمونها «الديموقراطية الإسلامية»، وحدَّدوا التاريخ المستهدف لقيامها: إنَّه عام 2030.

ووفقًا لما ذكرته مجلة «كوزور» (Causeur) الفرنسية، فإنَّ «برنامج الحزب بسيط إلى حد مربك: الاستعاضة عن جميع القوانين المدنية والجنائية بأحكام الشريعة الإسلامية، انتهى البرنامج». وقد أُنشئ «حزب الإسلام» عشية الانتخابات البلدية فى عام 2012، وحقَّق فورًا نتائج مثيرة للإعجاب، ويبعث حجم الأصوات التى حصدها الحزب على الانزعاج.

ويرى خبير الشئون الإسلامية «مايكل بريفو» (Michaël Privot) وأستاذ العلوم السياسية «سباستيان بوسوا» (Sebastien Boussois) أنَّ هذا الحزب قد يؤدى إلى «انفجار المجتمع من الداخل». وينادى بعض السياسيين البلجيكيين الآن، مثل «ريشار ميلر» (Richard Miller) بحظر «حزب الإسلام».

وأوردت المجلة الفرنسية الأسبوعية «لو بوان» (Le Point) تفاصيل خطط «حزب الإسلام»: يرغب الحزب فى «منع الرذيلة من خلال حظر منشآت القمار (الكازينوهات وصالات القمار ووكالات المراهنات) واليانصيب». وإلى جانب السماح بارتداء الحجاب الإسلامى فى المدارس، والتوصُّل إلى اتفاق بشأن الأعياد الدينية الإسلامية، يريد الحزب أيضًا أن تقدِّم جميع المدارس فى بلجيكا اللحم الحلال فى قوائم الطعام، واقترح «رضوان أحروش» (Redouane Ahrouch)، أحد مؤسسى الحزب الثلاثة، الفصل بين الرجال والنساء فى وسائل النقل العام، وفى التسعينات من القرن الماضي، كان «أحروش» ينتمى إلى المركز الإسلامى البلجيكى، أحد أوكار الأصولية الإسلامية فى بلجيكا، حيث كان المتطرفون يعملون على تجنيد مرشحين للجهاد فى أفغانستان والعراق.

ويعرف «حزب الإسلام» حق المعرفة أنَّ الوضع الديموغرافى فى صالحه. فقد قال «أحروش»: «فى غضون 12 عامًا، سيكون أغلب سكان بروكسل من المسلمين». وفى الانتخابات البلجيكية المقبلة، قرَّر «حزب الإسلام» التقدُّم بمرشحين فى 28 بلدية. وللوهلة الأولى، قد يبدو أنَّ 28 بلدية لا تمثل سوى نسبة زهيدة بالمقارنة مع كامل عدد البلديات البلجيكية وقدره 589 بلدية، غير أنَّ تلك الخطة تبين التقدُّم الذى أحرزه الحزب، وتعطى لمحة عن طموحاته. وفى بروكسل، سيكون الحزب ممَّثلًا فى 14 قائمة من أصل 19 قائمة يمكنه الترشُّح عليها.

ومن الأرجح أنَّ مستوى التمثيل المذكور هو سبب خشية الحزب الاشتراكى من بزوغ نجم حزب الإسلام. ففى عام 2012، قدَّم الحزب مرشحين فى ثلاث بلديات فحسب، ونجح اثنان منهم بالفعل (فى مولنبيك وأندرلخت)، وخسر الحزب بفارق ضئيل فى بلدية مدينة بروكسل. وبعد عامين من ذلك وخلال الانتخابات البرلمانية فى عام 2014، حاول «حزب الإسلام» توسيع قاعدته فى دائرتين انتخابيتين هما مدينة بروكسل ولييج. ومرة أخرى، حقَّق الحزب الذى ينادى بتطبيق الشريعة الإسلامية فى بلجيكا نتائج مثيرة للإعجاب. ففى بروكسل، حصد الحزب 9,421 صوتًا (ما يقرب من 2% من الأصوات).

ويبدو أنَّ هذه الحركة السياسية قد بدأت فى مولنبيك «معقل المتطرفين البلجيكيين»، و»مرتع المسؤولين عن تجنيد المتطوعين للقتال فى صفوف الدولة الإسلامية فى العراق والشام». ويبدو أنَّ المتطرفين الإسلاميين فى مولنبيك كانوا يخططون لارتكاب هجمات إرهابية فى جميع أنحاء أوروبا، بل وفى أفغانستان. واقترح الكاتب الفرنسى «إيريك زمور» (Éric Zemmour) متندرًا أنَّ على فرنسا أن تقصف مولنبيك بدلًا من قصف الرقة فى سوريا. وفى الوقت الحالى فى مولنبيك، فمن أصل 46 مسؤولا بلديًّا، هناك 21 مسؤولا مسلمًا.

وكتبت صحيفة «لو فيجارو»الفرنسية  (Le Figaro) قائلة «إنَّ العاصمة الأوروبية سوف تصير مدينة إسلامية فى غضون عشرين عامًا.

«إنَّ قرابة ثلث سكان بروكسل مسلمين بالفعل، كما يوضح «أوليفييه سيرفيه» (Olivier Servais)، أستاذ العلوم الاجتماعية فى الجامعة الكاثوليكية فى لوفان. ونظرًا لارتفاع معدل الخصوبة لدى أتباع الدين الإسلامي، فسيصبحون الأغلبية فى غضون خمسة عشر أو عشرين عامًا. ومنذ عام 2001... يُعدُّ اسم «محمد» هو الاسم الأكثر شيوعًا للأولاد المولودين فى بروكسل».

ومن الواضح أنَّ «حزب الإسلام» يعمل فى بيئة مواتية. ووفقًا لما ذكره «إيفان مايور» (Yvan Mayeur)، عمدة بروكسل، فإنَّ جميع المساجد فى العاصمة الأوروبية «فى أيدى السلفيين»، ومنذ بضعة أسابيع، أنهت الحكومة البلجيكية عقد إيجار طويل الأجل كانت قد أبرمته مع العائلة المالكة السعودية بشأن «المسجد الكبير»، أكبر المساجد فى بروكسل وأقدمها «فى إطار ما أشار إليه المسؤولون بأنَّه جهود لمكافحة التطرف». وقال مسئولون إنَّ المسجد كان «مرتعًا للتطرف».

وكشف تقرير سرى فى العام الماضى أنَّ الشرطة البلجيكية اكتشفت 51 منظمة فى مولنبيك يُشتبه فى وجود صلات تربطها بالحركات الجهادية.

فهل حان الوقت يا ترى كى تستيقظ بلجيكا النائمة؟

¶ نقلا عن Gatestone Institute

..وإجراءات شديدة لمكافحة توغل الإخوان فى بلجيكا

تُمثل بلجيكا محطة أوروبية مهمة لجماعات التطرف الراغبة فى مد نفوذها بمعقل إدارة منطقة اليورو، وهو ما يبرهن على جدية الاحتمالات القائمة بشأن فرص بروكسل لتكون بؤرة أعمق للتوسع الإخوانى فى أوروبا كمتنفس للتضييق الأمنى الذى تواجهه الجماعة فى فرنسا خلال المرحلة الحالية.

يذكر الموقع الرسمى للبرلمان الأوروبى (European Parliament) بأن الرابطة المعروفة باسم (Ligue de muslmans de belgigue) هى عضو فعال فى اتحاد المنظمات الإسلامية فى أوروبا والذى يمثل الكيان الرئيسى لجماعة الإخوان فى القارة العجوز. 

ويعد منتدى (EFOMW) الوجه الإخوانى للروابط النسائية التى تجمع أخوات الجماعة، وقد تأسس فى 2006 بالعاصمة بروكسل، ويشترك بعلاقات تعاون مع مؤسسة الرائد التى تمثل جماعة الإخوان فى أوكرانيا، إلى جانب مؤسسات نسائية أخرى عبر أوروبا. بلجيكا  بالإضافة الى  الشبكة الإسلامية الأوروبية (EMN) التى تأسست فى 2005 على يد حفيد حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان وهو طارق رمضان المتهم حاليًا بقضايا اعتداء ضد عدد من النساء فى فرنسا، وتعد الشبكة من أبرز مؤسسات الإخوان فى العاصمة البلجيكية بروكسل.

 وهناك مطالبات بحظر جمعيات الإخوان المتطرفة فى بلجيكا، إذ يتخوف ساسة بروكسل من تعاظم شوكة جماعة الإخوان كمحطة بديلة عن التراجع الذى أصاب بعض مؤسسات الجماعة فى فرنسا. 

طالب النائب البلجيكى، دينيس دوكارم، وفقًا لموقع (the national) فى 23 فبراير 2021 بحظر التجمع المناهض للإسلاموفوبيا فى بلاده أسوة بما فعلت فرنسا مع فرع المؤسسة لديها والمعروفة بـ(CCIF)، إذ حظرت باريس التجمع لإبداءه التعاطف مع قاتل المدرس الفرنسى صموئيل باتى.

ويرتبط التجمع بجماعة الإخوان فى أوروبا، فهو أحد مؤسساتها المتعددة الأفرع بالمنطقة الغربية، وقد سبق وحضر طارق رمضان بعض الفعاليات بها، ويقول السياسى البلجيكى إن غلق المؤسسة بفرنسا أدى إلى تحول بعض أصولها للمجموعة البلجيكية.

ويطالب دينيس بضرورة حظر الجماعات المرتبطة بالمتطرفين بشكل سريع لعدم تحول البلاد إلى منصة للجماعات الإسلاموية، كما دعا وزارة العدل والداخلية إلى اتخاذ اللازم لمنع تحول أصول الجماعات المتطرفة فى فرنسا نحو بلجيكا كمطمع للجماعات المتطرفة. تفرض الظروف الحالية وما انبثق عنها من احتماليات لترتيب أوضاع جماعة الإخوان فى المنطقة على النظام الأمنى فى بلجيكا الاستعداد لمواجهة أكثر ضراوة للجماعات المتطرفة، مع ضرورة معالجة الإشكاليات التى تحد من قدرة السلطات على التفاعل الكامل مع المخاطر المطروحة.

ناقشت وزارة الخارجية الأمريكية فى تقرير رسمى أوضاع الحكومة البلجيكية فى مواجهة التطرف، مشيرة إلى أن عام 2019 شهد تطويرًا لقدرة الدولة على إحكام السيطرة على هذا الملف وهو ما ظهر فى تضاؤل نسب تنفيذ العمليات الإرهابية بالداخل، فى حين تواجه البلاد إشكالية تتعلق بالقوانين الداخلية وإعاقتها لمعاقبة الإرهابيين وفقًا لبعض الحالات التى تطلب أسانيد يصعب التحقق من دقتها.

تواجه الدول الأوروبية بشكل عام مشاكل فى التطبيق القانونى للحد من انتشار التطرف مثل مواد الإفراج عن المتهمين بعد انتهاء مدد حبسهم بغض النظر عن استمرارية اعتناقهم للأفكار العنيفة من عدمه، إلى جانب قوانين الاتحاد الأوروبى ذاتها والتى تعطى مجالا أوسع للحركة بين الدول وتخطى الحواجز لتشكيل خلايا متعددة الوجهات الجغرافية. وتحتاج بروكسل كغيرها من الدول الأوروبية إلى اجتياز هذه العقبات لمواجهة أكثر شمولية لأطراف المنظومة الإرهابية بالمنطقة، كما أن التضييق على المؤسسات التابعة لجماعة الإخوان بات ضرورة فى ظل احتمالية الجماعة نحو تحول أوسع فى بروكسل. من ناحية اخرى أفاد تقرير صادر  عن «OFFICE OF INTERNATIONAL RELIGIOUS FREEDOM» فى 12/05/2021 وجود عدد  معتبر من المساجد فضلت العمل دون إشراف حكومى وقررت عدم المطالبة بالاعتراف الرسمي، ذلك أنها تلقت تمويلا أجنبيا كافيا، ولوجود عامل آخر يتعلق بعملية البيروقراطية المطولة للحصول على الاعتراف وهذا يعد مثبطا، رغم أن إستراتيجية الحكومة المنتهجة متمثلة فى توسيع نطاق الاعتراف ليشمل المزيد من المساجد فى بلجيكا حتى تصبح مؤهلة للحصول على تمويل حكومى يقلل من التأثير الإسلامى الراديكالى الأجنبي. تزامنا مع ذلك فقد بقيت طلبات الاعتراف لـ9 مساجد فى العاصمة بروكسل وحدها معلقة بما فيها مسجد بروكسل الكبير.

وعززت الحكومة إجراءاتها فيما يتعلق بقضية الإشراف والمتابعة من خلال تحقيقات أمنية لمحاربة التطرف المحتمل سواء بالنسبة للأئمة أو للمصلين وضد النفوذ الأجنبى فى المساجد، وفى خضم هذه الأحداث فقد شكك الوزير الإقليمى الفلمنكى «هومانس» فى اعترافات الحكومة ببعض المساجد وسحب الاعتراف بمسجد الإحسان فى لوفين، إذ كان هناك 87 مسجدًا معترفًا بها: 39 منها فى والونيا و 27 فى فلاندرز و 21 فى بروكسل، وحسب بعض فهناك 300 مسجد فى بلجيكا. الاندماج فى بلجيكا ـ أليات الحماية والمعوقات.

نظم «مركز بروكسل الدولى للبحوث وحقوق الإنسان فى 24/03/2021  فى الذكرى الخامسة للهجمات الإرهابية التى عصفت ببلجيكا عام 2016» مؤتمر بعنوان: «تقييم السياسات الأمنية والسياسية، 05 سنوات بعد التفجيرات الإرهابية فى بروكسل: خطر الإخوان المسلمين على الديمقراطية الأوروبية»، حيث شدد رئيس لجنة مكافحة الإرهاب النائب البرلمانى البلجيكى، «كون ميتسو»، على ضرورة سن قوانين رادعة ونشر التوعية لمحاربة التطرف والفكر الإخوانى فى بلجيكا، مثلما أشار إلى أن خطر التهديدات الإرهابية المترتبة عن تنظيم الإخوان المسلمين تحديدا لم ينته بعد واعتبر أن أوروبا تواجه خطر توغل جماعات الإسلام السياسى فى النسيج السياسى لا سيما فى بلجيكا، إذ أبدى تخوفه الكبير من تسريح أكثر من 400 من المتهمين بالتطرف من السجون البلجيكية وعدم متابعتهم كفاية نظرا لقلة الوسائل القانونية والمادية المتاحة لذلك وكثرة عددهم.

وكانت بلجيكا قد بدئت الدورة التدريبية الأولى للإمام فى بلجيكا فى عام 2019، والتى أطلقتها جامعة لوفين بمعية السلطة التنفيذية الإسلامية – الهيئة الرسمية الممثلة للجاليات المسلمة فى البلاد – والحكومة الفيدرالية،  إذ تقدم الدورة باللغتين الهولندية والعربية، مدة سنتين فى الجامعة و04 سنوات من التدريب اللاهوتي، وحين الانتهاء من الخريجين يحصل الأئمة على شهادة من الحكومة الفيدرالية، هذا وقد أثير موضوع تدريب الأئمة فى البداية فى التقرير البرلمانى للجنة التى أخذت فى اعتباراتها الهجمات الإرهابية فى بروكسل وزافنتيم فى مارس 2016، وتأمل من خلال ذلك منع النفوذ الإسلامى الأجنبى والحد بشكل كبير  من تطرف البلجيكيين المسلمين على وجه الخصوص.

أوصت لجنة بلجيكية بضرورة الرقابة الشديدة على المراكز الإسلامية،  فى بلجيكا وأعربت عن رغبتها فى زيادة كفاءة الإمام فيما يتعلق بمسألة إتقان إحدى اللغات الوطنية فى بلجيكا سواء الفرنسية أو الألمانية أو الهولندية. من جهة أخرى وفى إطار محاربة بلجيكا للتطرف والتطرف المضاد فقد اتخذت السلطات إجراءات فورية شملت إغلاق المدارس وبعض المساجد فى مقاطعة ليمبورغ، مع إبقاء بعض المساجد مفتوحة للعبادة وفق تدابير أمنية مشددة، وبالتالى يمكن القول بأن المساجد فى بلجيكا إما معرضة للتطرف من الداخل أو العكس، أما المساجد التى لم تحظى باعتراف رسمى من الحكومة فهى فى عداد المساجد المغلقة أعتقد.

¶ نقلا عن المركز الأوروبى لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات.