تقلها دهب

هداية ملاك.. فريال أشرف.. سمر حمزة.. بطلات من طراز رفيع.. كل واحدة منهن يساوى تقلها ذهب.. كافحن واجتهدن.. خضن العديد من المعارك.. واجهن العديد من الصعوبات.. قابلن عثرات وتحديات.. وقعن عشرات المرات ونهضن من جديد.. لم يعرف اليأس طريقهن.. كان الأمل صديقهن الصدوق ورفيقهن الدائم طوال الرحلة.. لم يكن الطريق للوصول إلى الأولمبياد مفروشًا بالورود بل كان محفوفا بالمكائد والعقبات، واجهن وصمدن ونجحن ورفعن اسم مصر أمام العالم أجمع لتستحق كل واحدة منهن أن تتجسد قصتها فى مسلسل يحكى معاناتها حتى تحقيق حلم الوصول.. الوصول للهدف والحلم ولكن لم يكن ذلك نهاية الطموح.

للمرة الأولى تلتفت الدراما التليفزيونية المصرية لقصص بطلات الدورات الأولمبية المصريات فى السنوات الثمانية الاخيرة وتنتج عملًا دراميًا عنهم فى آخر حكايات الموسم الثانى من المسلسل الناجح «إلا أنا»، وألقى المسلسل بنجاح بارع الضوء على قصة كفاح ونجاح كل من هداية ملاك بطلة التايكوندو وفريال أشرف بطلة الكاراتيه وسمر حمزة بطلة المصارعة، ومن المفارقات الجميلة والمثيرة أن هذه الألعاب الثلاثة هى ألعاب قتالية فى المقام الأول، كان ينظر لها دائمًا على أنها لا تناسب المرأة ولا تلائم طبيعتها الرقيقة بل ويردد البعض عن جهل أنها تقضى على أنوثتها لتأتى هؤلاء البطلات ليؤكدن أمام المجتمع المصرى والعالم أجمع أن مقولة «للرجال فقط» انتهت وأكل عليها الدهر وشرب.

لم أستطع أن أخفى إعجابى الشديد بالقصة وبكل قصص مسلسل «إلا أنا» التى تلقى الضوء على المشاكل المختلفة التى تواجه المرأة فى هذا العصر، لكى ينتبه لها المجتمع أو حتى يتحرك لمواجهتها والعمل على حلها، إلا أن هذه القصة لها تقدير خاص لأنها تعطى للفتيات فى عمر الزهور درسًا عميقًا وعظيمًا بأن الحلم مشروع، والطموح من حق الجميع، والصعوبات فى حياتنا واقع لا يمكن إنكاره، وحقيقة مسلم بها لا يجدى الهروب منها أو البكاء على اللبن المسكوب بسببها، بل إن الدخول فى تحدٍ مع النفس هو بداية النجاح، والخروج من منطقة الراحة والجد والاجتهاد هو مفتاح الوصول للإنجاز وتحقيق الطموح أيًا كان نوعه وحجمه.

أغلب المشكلات التى واجهتها كل بطلة هو عدم اهتمام الأهل بالرياضة التى تمارسها باعتبارها رياضة ذكورية لا تناسب الفتيات، أو عدم إيمان المحيطين بها وبقدراتها وبمواهبها الدفينة، أو تحميلها بما يفوق قدرتها المزيد والمزيد من الضغوط، ولكن رغم ذلك فقد ساهمت هذه التحديات فى ثقل موهبة كل منهن وشحذ الإرادة بداخلهن حتى استحقت وبجدارة أن نطلق على كل منهن «تقلها ذهب».