الثلاثاء 30 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
هبـات صفائية

هبـات صفائية

صباح كل يوم وفى تمام الساعة الثامنة إلا الربع صباحا نستمع فى إذاعة القرآن الكريم الى خواطر الشيخ محمد متولى الشعراوى حول آيات القرآن الكريم لمدة ربع ساعة يبدأ فيها هذا البرنامج اليومى بمقدمة بصوت الشيخ يقول فيها «خواطرى حول القرآن الكريم لا تعنى تفسيرا وإنما هى هبات صفائية تخطر على قلب المؤمن فى آية أو بعض آية» ثم يستطرد موضحا أن لو كان الله أراد أن يضع تفسيرا للقرآن لتركه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مفسرا.



وتلك الجملة على صغرها وسماعنا لها مئات المرات إلا أنها تحمل مبدأ أساسيا فى غاية الأهمية والخطورة عن كيفية تناول كتاب الله ومحاولة الفهم ومن ثم العمل بعد ذلك.

فعلى الرغم من وجود كتب كثيرة كبيرة الحجم معنونة بكلمة «تفسير» وعلى الرغم مما بينها من اختلافات وأحيانا أخرى إضافات وصولا إلى ادخال تفسيرات خاطئة تماما تلك التى يطلق عليها لفظ «اسرائيليات» إلا أن المرور خلالها هو أمر مهم فى رحلة الفهم وهنا اقصد كلمة المرور والتى تختلف تماما عن كلمة «التوقف».

الأسباب عدة منها حجم المعارف ومصادرها التى كانت متاحة أمام صاحب هذا التفسير ومنها مصداقية ونوايا بعض ممن قابلهم والتقى بهم فى أثناء تلك الرحلة ومنها أيضا بديهية أساسية نلمسها جميعا فى عصر المعلومات وتعدد مصادر المعرفة أن عمرا واحدا لا يكفى والاعتماد على وجهة نظر واحدة مهما كانت وجيهة لا يكفى أيضا ناهيك عن بعد الفترة الزمنية بين عصر من قام بالتفسير والعصر الحالى وهو بعد مهم جدا فى محاولة تفسير ذلك الكتاب الذى لا تنقضى عجائبه.

وإن كان مدخل الشيخ فى خواطره هو مدخل لغوي بحكم التخصص إلا أن ذلك لا يتعارض مع المزيج الصافى من التفسيرات السابقة والأحوال الصوفية وما تجود به من هبات صفائية يلقيها الله فى قلوب عباده.

وفيما لا يوجد اختلاف عليه من آيات واضحة المعنى مثل آيات المواريث والحدود على سبيل المثال فإن المجال مفتوح أمام الجميع لمحاولة السير فى طريق مشابه لطريق الشيخ الشعراوى للوصول إلى خواطر نقية جديدة وتلك هى أحد مظاهر عظمة الإسلام فى الربط بين النص والعقل والقلب السليم.