الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

رئيس الوزراء: مشروعات «حياة كريمة» نموذج متكامل لخفض الانبعاثات والتكيف مع التغيرات المناخية

أكد د.مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، خلال الجلسة النقاشية التى حملت عنوان (الطريق من جلاسكو إلى شرم الشيخ.. لمواجهة التغيرات المناخية)، أنه منذ 15 أو 20 عاماً، عندما بدأ الخبراء العالميون يحذرون من موضوع التغيرات المناخية، استقبلنا جميعاً هذا الأمر، باعتباره مجرد تكهنات أو آراء متشائمة، أو تتناول ظواهر لن تحدث ونحن موجودون، وربما تواجهها الأجيال المقبلة.



وأضاف أنه خلال الـ10 ثوانٍ التى تحدث فيها فى المقدمة السابقة، تم ضخ أكثر من 10 آلاف طن مترى من غازات الاحتباس الحرارى فى الغلاف الجوى، بما يعادل وزن 170 ألف شخص، مشيرًا إلى أن العالم كله بدأ يشهد تداعيات موضوع التغيرات المناخية. 

حيث أصبحت منطقة الجليد بالقطب الشمالى فى أقل مستوى لها على العالم، مع ارتفاع درجات الحرارة بنسب غير مسبوقة، فضلاً عن تركز غاز ثانى أكسيد الكربون بأعلى مستويات له منذ آلاف السنين، وكذا ارتفاع مستوى سطح البحر الذى بدأت أماكن كثيرة جدًا تعانى منه، لافتًا إلى أن كل هذه الظواهر كانت ناتجة عن ارتفاعات كبيرة جدًا فى انبعاثات ثانى أكسيد الكربون، ونتج عن ذلك ارتفاع فى متوسط درجات حرارة كوكب الأرض، وانخفاض فى جودة الهواء، وارتفاع مستوى سطح البحر، والعديد من الظواهر المناخية الجامحة التى بدأت تحدث.

  وأشار إلى التداعيات السلبية للتغيرات المناخية على الاقتصادات العالمية؛ مشيرًا إلى أنه وفقاً لتقديرات الخبراء، فإن الفترة من عام 1970 حتى الوقت الحالى شهدت خسائر تعرضت لها دول العالم نتيجة مثل هذه الظواهر الطبيعية، تقدر بنحو 3,6 تريليون دولار، مضيفًا أن الرقم السنوى للتكاليف الخاصة بالتعامل مع التغيرات المناخية، ستقدر وصولاً إلى عام 2030 إلى ما بين 150 و 300 مليار دولار سنويًا، كما سيرتفع هذا الرقم بحسب التقديرات فى عام 2050 ليغدو ما بين 280 و 500 مليار دولار سنوياً.

وتحدث «مدبولى» عن التجربة المصرية فى ضوء المؤشرات الدولية المتعلقة بالمناخ، موضحًا أن المؤسسات الدولية المعنية بمجال التغيرات المناخية ترى مصر من أكثر الدول عرضة لتبعات التغير المناخى، رغم محدودية مسئوليتها عن انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى، إذ تبلغ مساهمة مصر فى الانبعاثات العالمية 0.6%، وذلك فى عام 2015، وهى نسبة ضئيلة للغاية.

 وأشار إلى الإشادات الدولية بالجهود المصرية فى مجال الطاقة الجديدة والمتجددة، مستشهدا فى هذا الصدد ببيانات صدرت عن وكالة فيتش الدولية والتى أكدت خلالها أن مصر تمتلك أكبر قدرات كهربائية من طاقتى الرياح والشمس فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وعلى الرغم من ذلك، فإن القاهرة وضعت خطة لمضاعفة هذه القدرات لـ300% خلال الفترة المقبلة، مضيفا أن مصر والإمارات سيقودان هذه التوجه مع دول أخرى فى المنطقة.

وأضاف:» وكالة فيتش أكدت أيضا أن مصر ستكون من أسرع أسواق الطاقة المتجددة غير الكهرومائية نموا فى المنطقة على مدار السنوات العشر المقبلة».

وتابع: أشارت الوكالة الدولية للطاقة خلال ديسمبر 2021 إلى أن مصر ستكون ضمن 5 دول يتركز فيها أكثر من ثلاثة أرباع (3/4) الزيادة المتوقعة فى إنتاج الطاقة المتجددة على مستوى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، مؤكدا أن كل هذه الإشادات الدولية تؤكد الأهمية الكبيرة التى توليها الدولة المصرية لملف الطاقة الجديدة والمتجددة.

وأشار إلى أن ترتيب مصر فى مؤشر جاذبية الدول للاستثمار فى الطاقة المتجددة يرتفع بصورة ملحوظة، حيث أصبحنا اليوم من أفضل 20 دولة على مستوى العالم فيما يتعلق بالقوانين والتشريعات التى تشجع على الاستثمار فى الطاقة الجديدة والمتجددة، كما تقدمت مصر 20 مركزا فى مؤشر السياسة المناخية طبقا لمؤشر أداء تغير المناخ 2022. واستعرض فى هذا الإطار الجهود المصرية لمواجهة التغيرات المناخية، مشيرا إلى أنه منذ اللحظة الأولى كانت هناك توجيهات من القيادة السياسية بتدشين إطار مؤسسى ينظم هذه الجهود، حيث تم إنشاء «المجلس الوطنى للتغيرات المناخية» برئاسة رئيس الوزراء، وعضوية الوزراء والجهات المعنية لتحديد المهام والاختصاصات بشأن التعامل مع التغيرات المناخية.

وأضاف أن الحكومة المصرية تتحرك فى 5 مسارات رئيسية، حيث بدأنا بتقليل الانبعاثات الناتجة من استهلاك الطاقة التقليدية من البترول والوقود الأحفوري، ونتجه بقوة لاستخدام الغاز الطبيعى والطاقة الجديدة والمتجددة، وتغيير نوعية الطاقة المستهلكة لزيادة استخدام المصادر الأقل انبعاثا للكربون، وزيادة الطاقة المولدة فى نفس موطن استهلاكها.

وأوضح أن مصر من خلال «المجلس الوطنى للتغيرات المناخية» أطلقت الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية، كما تنفذ مشروعات عملاقة فى عملية التكيف أو فى تخفيف حدة التغيرات المناخية، كما أصدرنا أول سندات خضراء فى منطقة الشرق الأوسط، كما تم وضع سياسات مهمة للغاية لتشجيع القطاع الخاص للدخول بقوة فى هذا النوع من الاستثمار مثل تحديد تعريفة الكهرباء وتعريفة تحويل المخلفات إلى طاقة. وأشار إلى أن الحكومة بدأت إنشاء خريطة تفاعلية لمخاطر ظاهرة التغير المناخي، كما وضعت الخطة القومية للموارد المائية 2037، موضحا أن مصر من أكثر الدول فقرا فيما يخص الموارد المائية، قائلا «قضية المياه ستكون محورا أساسيا خلال هذا العام فى قمة تغير المناخ COP 27 فى شرم الشيخ، حيث سيتم مناقشة كيف سيتعامل العالم مع قضيتى ندرة المياه وتلوث المياه.»

وتابع :» مصر لها تجربة مهمة فى هذه المسألة وهى الخطة القومية للموارد المائية 2037 والتى تنفذها مصر منذ 5 سنوات، بتكلفة تبلغ أكثر 50 مليار دولار، وخلال هذه الخطة تقوم الدول بتنفيذ مشروعات ضخمة للغاية فى تحلية مياه البحر، ومعالجة مياه الصرف الزراعى والصحى، للاستفادة من كل قطرة مياه موجودة، فمصر من أعلى دول العالم استخداما لكل قطرة مياه أكثر من مرة».

وأضاف أن مصر تنفذ أيضًا مشروعات كبرى فى مجال ترشيد المياه وتبطين الترع، ومشروعات حماية الشواطئ، للتعامل مع المناطق المهددة من تغير المناخ فى شمال الدلتا بالتعاون مع شركاء التنمية. 

وتابع أن القيادة السياسية فى مصر تتبنى مشروعا مهما وهو تطوير البحيرات المائية، والتى كانت مهملة لمئات السنين، وحدث بها فقدان كبير لمساحتها، ونتيجة لذلك تأثرت جودة المياه بها بصورة سلبية للغاية، واليوم الدولة تنفذ على الأرض تطويرا كاملا لكل هذه البحيرات.

كما استعرض فى هذا الإطار مشروع  تطوير بحيرة المنزلة التى تقع على مساحة 250 ألف فدان، والذى بلغت تكلفته 2 مليار دولار لتعود هذه البحيرة إلى ما كانت عليه من مئات السنين.

وأوضح، أنه فيما يخص الاعتماد على الطاقة الجديدة والمتجددة، فإن الحكومة لديها خطة بأن تصل الطاقة المتجددة 20% من إجمالى الطاقة المتولدة فى مصر، وكذلك قبل حلول 2035، ستبلغ الطاقة المتجددة 42% من إجمالى الطاقة المنتجة فى مصر بشكل عام، مضيفا أن مشروع «بنبان» لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية فى أسوان، والذى افتتحه الرئيس وهو من أفضل المشروعات على مستوى العالم فى مجال الطاقة الجديدة والمتجددة.

ولفت إلى أن الدولة المصرية تنفذ مشروعا ضخمًا جداً لتوصيل الغاز الطبيعى للمنازل على مستوى الجمهورية، وذلك لاستبدال الوقود التقليدى «البوتاجاز» بالغاز الطبيعى الذى يعتبر أحد مصادر الطاقة النظيفة، مشيراً إلى أننا لدينا الطموح والخطوات التنفيذية لبدء إنتاج أول سيارة كهربائية مصرية خلال العام المقبل، منوهًا إلى أن ذلك يأتى ضمن مشروع كبير لاعتماد وقود السيارات على الغاز الطبيعى والكهرباء، وهناك حوافز كثيرة فى هذا الصدد.

وأكد أن الدولة المصرية تنفذ منظومة جديدة متكاملة للنقل الجماعى تتوافق مع المعايير البيئية، وتتضمن القطار الكهربائى، والمونوريل، والقطار فائق السرعة، بشبكة يصل طولها إلى أكثر من 2200 كم، تنفذ فى بعض سنوات بتكاليف هائلة، لكى نتواكب مع التغيرات المناخية، والعمل على تقليل الانبعاثات الضارة فى هذا الصدد.

وأوضح أن هناك جيلًا جديدًا من المدن الخضراء، تنفذه الدولة المصرية حاليًا، مؤكدًا أن هذه المدن تُعد مدنًا ذكية تعتمد على فكر المدن المستدامة، لافتًا إلى أن جميع المبانى الحكومية سواء فى العاصمة الإدارية الجديدة، أو داخل المدن القائمة، بدأ الاعتماد على الطاقة الشمسية بها.

وفى هذا الصدد، أشار رئيس الوزراء إلى أن المشروعات التى يتم تنفيذها فى إطار المبادرة الرئاسية «حياة كريمة» لتطوير الريف المصري، والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة لنحو 60 مليون مواطن، تُعد نموذجا متكاملا لخفض الانبعاثات والتكيف مع التغيرات المناخية.