الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
على وضعك

على وضعك

تميزت العامية المصرية بمميزات متعددة ساهم الفن فى انتشارها فى المنطقة العربية كلها خلال فترات العقود الماضية انتشارًا كبيرًا وباتت هى اللهجة الأكثر سهولة ويسرًا بين اللهجات المختلفة؛ وربما استمر ذلك حتى قرب نهاية القرن العشرين عندما بدأت تلك اللهجة فى اعتماد ألفاظ جديدة جعلتنا نحن أنفسنا نتوقف عند معانيها ومدلولاتها بالكثير من الحيرة والارتباك.



ومن الأمثلة الواضحة على هذا عند عودة أى مصرى إلى بلده بعد سفر طويل أن يصطدم بتغييرات من هذا النوع على شاكلة «كبر دماغك» أو «نفضله» أو «احلقله» أو «الشاى بتاعنا» وهو ما قد يحدث ارتباكًا لدى هذا القادم الذى ربما يستطيع استنتاج ما هو المقصود بهذا التعبير أو ذاك وربما احتاج إلى الاستعانة بصديق لم يغادر البلد وشهد ولادة هذه التعبيرات.

الآن أصبح الموقف أكثر تأزمًا وأصبح معدل إضافة تعبيرات جديدة فى غاية السرعة فربما تنام ليلًا ثم تستيقظ فى الصباح على وجود تعبير جديد يستخدمه الجميع بكثرة وثقة تشعرك أنك قد غبت عن الوطن لسنوات وليس لساعات قليلة.

أصبحت الأعمال الدرامية مصدرًا أساسيًا لتلك التعبيرات الجديدة بل أصبح كتاب الحوار الدرامى فى سباق لاختلاف تعبيرات جديدة تقال على لسان نجوم الأعمال وخاصة السينمائية منها أو تلك التى تعرض فى شهر رمضان المعظم الذى يحظى بأعلى نسب مشاهدة خلال العام كله.

الإشكالية الأخرى أن بعض هذه التراكيب اللغوية لا تعبر عن المعنى بمفردها بل تحتاج إلى مترجم أو تحتاج إلى مشاهدة هذا العمل الدرامى ومتابعة تكرارها لكى يستشف المشاهد المعنى المقصود.

تعبيرات مثل «فاكس» و«على الله حكايته» وغيرها الكثير والتى لا تخلو أحيانا من سوء أدب مع الله أو تعطى انطباعات وتغير القيم والمثل التى نشأنا عليها ونحاول غرسها فى النشء. وكما كانت الإشكالية الأزلية فى استخدام كلمات من لغات أجنبية يتم اقتحامها فى الحديث لإظهار مستوى ثقافى أو اجتماعى معين وبها قدر كبير من التباهى والتعالى أيضا إلا أن الجديد هو زحف بعض من مفردات اللهجات العربية وإزاحتها للمفردات المستقرة فى عاميتنا المصرية سواء بغرض التباهى أو الملل والتغيير أو لمجاملة الأشقاء فى هذه الدولة أو تلك وهو ما يطمس التعبير العامى فى نهاية الأمر وصولا إلى نسخة جديدة من العامية المصرية أرى أنها تتغير بمعدلات زائدة عن الحد.

وإذا كانت القضية دائما هى الحفاظ على اللغة العربية من موجات التغريب والجنس فإن قضية الحفاظ على العامية المصرية أراها لا تقل أهمية أيضا.