الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا
الحيوان الضاحك

الحيوان الضاحك

قديما استمعنا كثيرة لمقولة إن الانسان حيوان ضاحك، وذلك على اعتبار أن فعل الضحك هو فعل إنسانى بحت يعتمد على أمور يترجمها العقل، ويجدها غير معقولة بصورة أو بأخرى ومن هنا يبدأ فى الابتسام، ثم الضحك البسيط المنضبط وصولًا إلى القهقهة والاستلقاء على القفا.



والذى يعزز تلك المقولة السابقة هو أن الطفل الرضيع يبدأ فى الابتسام والضحك ربما عند بلوغه ثلاثة أو أربعة أشهر من عمره سواء بسبب يمكن لنا معرفته أو بدون سبب ظاهر، وهو ما يفتح الباب للغيبيات مثل أنه يبتسم للملائكة، وغير ذلك من التفسيرات التى لا دليل عليها.

والحقيقة أن الإنسان ليس هو المخلوق الضاحك الوحيد فى هذا الكون، فالعديد من الدراسات الأكاديمية تشير إلى صدور أصوات مبهجة من العديد من الحيوانات كالقرود والفئران، وهى التى اعتبرها العلماء نوعا من أنواع الضحك، وتتسع القائمة لتشمل البقر والكلاب والذئاب وعدة أنواع من العصافير أيضًا، وتشير الإحصائيات أيضًا إلى أن هذا النوع من الضحك تم رصده فى حوالى 65 فصيلة من الحيوانات والطيور.

إذا ليس الإنسان هو الحيوان الضاحك الوحيد ومع تسليمنا بأن للحيوانات والطيور «منطقا» أو بمعنى آخر لغة وأسلوب تواصل واتصال، فما المانع أن يشمل هذا الأسلوب ما قد يثير لديهم هذا الفعل.

عودة إلى الانسان وفعل الضحك والذى يستطيع نتيجة تفكيره واستخدامه لعقله بأن يستثمر الضحك فى عدة مواقف، فمنها ضحك المجاملة والنفاق ومنها ضحك الاكتئاب والهستيريا ومنها الضحك المختلط بالغيظ أو الغل، وهى التى يطلق عليها «ضحكة صفراء»، وفى النهاية نصل إلى الضحكة الصافية الحقيقية، وهى ما يطلق عليها «ضحكة من القلب».

نستطيع من خلال ضحكة الإنسان التعرف على الكثير عن درجة نضجه واتزانه ودرجة ذكائه ومستواه الاجتماعى والثقافى، وقبل هذا وذاك نستطيع أن نتعرف على خفة دمه، ومدى بساطته أو تعقيد نفسه الداخلية.

كما أن أغلب الأمور يمكن قياسها بصورة أو بأخرى من خلال العوامل الوراثية والبيئة فإن نفس الأمر يمكن أن نراه فى عالم الضحك والفكاهة والسخرية، فمن الصعب أن تجد ابنا ثقيل الظل وأبواه من النوع الضاحك المبهج والعكس صحيح.

أما عن تاثير الابتسام على صحة صاحبه النفسية والذهنية والبدنية فحدث ولا حرج، وكلنا نستطيع أن نلمس ذلك ونجد النصوص الدينية ونصائح خبراء التنمية البشرية تؤكد هذا مثل الحديث النبوى الشريف «تبسمك فى وجه أخيك صدقة»، والنصيحة الذهبية للأب الروحى للتنمية البشرية الكاتب ديل كارنيجى والمكونة من فعل أمر واحد هو «ابتسم» أو Smile.

رأيت تأثير الضحك والابتسام على صاحبه ومن حوله كثيرًا فما زلت أتذكر أحد الأحباء الذى أصيب بمرض الزهايمر اللعين، ولكن لم تفارق وجهه الابتسامة بالرغم من عدم إدراكه لأى شيء يدور حوله ومازلت أتذكر أحد أصدقائى الأعزاء الراحلين كيف كان يملاء الكون من حولنا بالبهجة والابتسام، وكلما مررت بمكان أو بموقف مشابه ابتسمت كثيرا ودعوت له بالرحمة كثيرًا جدًا.

أدام الله عليكم نعمة الضحك والابتسام اللهم أمين.