الثلاثاء 30 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
على قيد الإنسانية

على قيد الإنسانية

منذ وجد الإنسان على سطح الأرض وهو فى حالة كفاح مستمرة، لفظة «كفاح» ربما لاتكون معبرة عن جميع أنماط الفعل الإنسانى فالكثير من الأفعال المستهجنة والأساليب الملتوية للحصول على المكاسب الدنيوية يسميها أصحابها كفاحًا وهى ليست كذلك على الإطلاق.



فالتخطيط للجرائم وتنفيذها بنجاح ليس كفاحًا فلا يمكن أن نعتبر السارق أو القاتل من المكافحين كذلك لايمكن اعتبار أى شخص يعتدى على حقوق الغير كذلك، أعرف أن الشيطان قد يزين لهم أعمالهم إلا أن تسمية الأشياء بمسمياتها لهو أمر واجب وضرورى.

وفى تقديرى فإن الكفاح لابد من أن تكون ثمرته شيئًا نافعًا سواء لصاحبه فقط وهو أدنى درجات الكفاح أو لمن حوله اأضا وهو الذى يمكن اعتباره أرقى درجات الكفاح.

هنا نعود إلى قضية «النية» مرة أخرى فبدون أن تكون النية هى النفع العام للجميع فإن فعل الخير فى الغالب يخالطه العجب والاعتزاز بالنفس ويؤكد على ذلك أن صاحبه ينتظر الشكر والتقدير وهو أمر لا يمكن رفضه ولكن إن كانت النية كذلك فقط فإن هذا الكفاح تتوقف فوائده عند مجموعة من الفوائد المادية والمعنوية المرتبطة بالشخص المكافح فقط فلا يحق له أن يطلب ثوابًا أو منزلة لدى الله ببساطة لأن النية لم تكن كذلك منذ البداية.

أحد مظاهر الكفاح التى لا يختلف اثنان على أهميتها هو الكفاح للبقاء على قيد الحياة وهى التى تجعل صاحبها يتجنب المخاطر ويلجأ الى كل ما فيه سلامته والأمثلة على ذلك كثيرة منها أنه ينتقى طعامه و يلجأ الى الطب والدواء ويبتعد عن مصادر الأوبئة و الأمراض، كل ذلك لكى ينجح فى كفاحه للبقاء على قيد الحياة.

البعض يكافح على حساب الآخرين وعلى حساب كرامتهم وأحيانا أعمارهم فقط ليستمر على قيد الحياة مثله مثل أى حيوان مفترس فى أى غابة نائية.

هذا الشخص المكافح ينظر تحت قدميه ويتناسى أنه مهما طال به العمر أو قصر فإنه لا مناص من الموت وهنا لن يدرك كيف ينساه الناس سريعًا بل احيانًا يستمرون فى تذكره مختلطا بالسباب والأمانى بأن يلقى فى الآخرة عذابًا أليمًا.

أتمنى أن نتوقف عن الكفاح من أجل البقاء على قيد الحياة وأن نبدأ فى الكفاح للبقاء على قيد الإنسانية وهو ما سيتكفل بكل ما هو جميل ورائع.