خوارزميات القطيع الإلكترونى

لا أمل من تكرار الحديث عن ثقافة القطيع أو ما يحلو للبعض بتسميته بسلوك القطيع وهو ببساطة أن الفرد يتصرف بطريقة مختلفة عندما يكون وسط جماعة كبيرة تتصرف بطريقة ما، تأتى الإشكالية فى اختلاف الأسلوبين وصولًا إلى أنه قد يقوم هذا الشخص بأفعال يعاقب عليها القانون أو تكون خارج ثقافاته ومبادئه أحيانًا.

يستفيض علماء الاجتماع وعلم النفس فى الدراسات الشارحة لتلك الظاهرة ويقدمون مجموعة من الأمثلة الواضحة على هذا مثل السلوك الجماعى فيما يتعلق بالتعامل مع سوق الأسهم والبورصة أو خلال مهرجانات التسوق وأخيرًا السلوك على شبكة الإنترنت.

والحقيقة أن المؤثرات التى تدفع القطيع فى اتجاه معين قد تكون طبيعية تمامًا أو تكون نتيجة تدخل عامل ما لتوجيههم فى اتجاه معين مثلما الأمر فى العروض التسويقية، وقد يكون العامل المحقق لاتجاه معين عبارة عن برمجيات Applications يطلق عليها تعبير خوارزميات Algorithms يتم توليدها واستخدامها للتقليل من القدرات التحليلية والتخطيطية للأفراد وجعلهم مسلوبى الإرادة فى أحوال كثيرة فيما يقولون ويفعلون على هذه الشبكات.

تحقق الخوارزميات ذلك من خلال عدة أساليب أبسطها أسلوب الإظهار والإخفاء، فأحيانًا كثيرة عند استخدامنا لشبكات التواصل الاجتماعى نجد عددًا من الأخبار أو الآراء ونفتقد وجود عكسها من الأخبار والآراء بالرغم من وجودها بالفعل، وهو أمر يحتاج إلى أن ندرك ذلك ونبحث عليه بحثًا موجهًا. من الأساليب الأخرى أسلوب التكرار بمعنى تكرار الخبر أو الرأى أكثر من مرة ومن خلال أكثر من مصدر وإظهارها بصورة يعتقد المستخدم أنها عشوائية وموضوعية وهى فى الواقع ليست كذلك، التكرار أيضًا يحقق أمرًا آخر، فكلما تكرر الخبر كلما حدث عليه تفاعل أكثر من الأخبار التى تظهر قليلًا، وهذا التفاعل الذى يكون عادة على شكل علامات إعجاب أو تعليقات يساهم فى ظهور الخبر لأعداد أكبر من المستخدمين، ومن ثم يحدث عليه تفاعل أكثر وأكثر مقارنة بالأخبار قليلة التفاعل والتى قد ينتهى بها الأمر إلى ألا تظهر على الإطلاق.

هذا بالإضافة إلى عامل نفسى مهم هو أن الأخبار كثيرة التفاعل تعطى انطباعًا لدى من يراها بأنها الأكثر شعبية ومصداقية وقد لا تكون كذلك على الإطلاق، قم عزيزى القارئ بوضع مقولة لأحد الفلاسفة وضع بعدها عبارة ضاحكة أو نكتة  وشاهد كم التفاعل على كل من المنشورين وستندهش.

أعرف أن الكلام مكرر، لكننى أجد أن من واجبى أن أذكر به من وقت لآخر وبأمثلة متعددة حتى ينتبه مستخدم الإنترنت إلى أنه ليس حرًا تمامًا حتى وإن شعر أنه كذلك.