الثلاثاء 30 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الأنماط الجديدة للتعلم والثقافة والإعلام 3/3

الأنماط الجديدة للتعلم والثقافة والإعلام 3/3

مرت الثقافة وتأثرت بمراحل تطور أدوات الإنتاج الثقافى وأدوات الاتصال مثلما تأثرت عملية التعليم والتعلم وأيضًا مثلما تأثر الإعلام إلا أن للثقافة خصوصية تميزها عن المجالين الآخرين وأقصد بهما التعليم والإعلام فالتعليم قد يكون إجباريًا أحيانًا ولا نجد أن رغبة الطلاب تتفق دائمًا حول أهميته ومن ثم لا يأخذونه جميعًا بنفس درجة الحماس واللهفة، أما فى مجال الإعلام فإنه يداعب غريزة أساسية لدى الإنسان وهى غريزة حب المعرفة وكشف المستور ولذلك نجد أن الإعلام هو الأكثر تفاعلًا وتأثرًا بأدوات عصر المعلومات الجديدة وصولًا إلى أن تم إطلاق تعبير «عصر إعلام المستخدم» على هذا العصر حيث يستطيع المستخدم التجول خلال الكثير من المصادر الإعلامية والإخبارية التى تجعله موجودًا داخل الحدث بصورة لم تكن مسبوقة من قبل هذا بالإضافة إلى أن تقنيات عصر المعلومات سمحت للمستخدمين أن يكونوا قادرين على إنتاج ونشر مواد إعلامية وأخبار بسهولة ويسر بغض النظر عن مدى صحة المعلومات أو مصداقية الأخبار.



أما فى حالة الثقافة فإن الأمر يختلف فالثقافة تداعب روح المستخدم وتسمو بمشاعره وأحاسيسه كما أنها تعتبر علاجًا سحريًا للكثير من الصراعات النفسية والمشكلات المعقدة وهو ما يجعلها أمرًا مهمًا وضروريًا لصحة الإنسان الروحية، يتمثل هذا فى جميع المجالات الثقافية من إبداع أدبى أو فنى أو موسيقى أو غنائى أو أى من تلك المجالات المعروفة.

وبالرغم من أن الحديث يدور دائمًا عن كيفية رقمنة الثقافة ومحتواها وضمان وصولها إلى أكبر عدد ممكن من عشاقها إلا أن أنماط المحتوى الثقافى تتغير أيضًا نتيجة سرعة هذا العصر وتعدد أدواته فالمقطوعات الموسيقية والأغانى صارت أقصر من ذى قبل كما أن الإقبال على الأعمال الثقافية والأدبية كبيرة الحجم قد قل بنسبة كبيرة وصولًا إلى استعاضة البعض عن قراءة كتاب تاريخى بمشاهدة مقطع مصور مختصرا لمحتوى الكتاب لا تزيد مدته عن عشر دقائق على أقصى تقدير.

أعرف أن هذا الطرح ربما يثير هجومًا من البعض متهمين الكاتب بعدم الموضوعية أو بالخلط بين الأدوات وبين المحتوى وربما يجعل البعض يدافع عن الأساليب التقليدية دفاعًا مستميتًا مدعيًا أن هذا الطرح يفقد الثقافة جانبًا كبيرًا من متعتها إلا أن من سيقرر شكل الثقافة المستقبلى سيكون هو المستخدم الذى فى الغالب لن يزيد عمره عن عقدين أو ثلاثة عقود من العمر على أقصى تقدير ليس فى مجال الثقافة فقط بل فى كلٍ من مجالى التعليم والإعلام أيضًا، كل ذلك يدعو إلى الانتباه ووضع رؤية استراتيجية واضحة لكيفية التعامل مع عصر المعلومات فى تلك المجالات وغيرها الكثير.