الثلاثاء 30 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
كما تأخذ تعطى

كما تأخذ تعطى

لا خلاف على أن الإنسان وبخاصة الطفل الصغير يكون عبارة عن وعاء فارغ أو صفحة بيضاء وبناء على ما يتعرض له فى حياته من أحداث وأساليب أعمال فإن كل هذا ينصهر داخله ويشكل أسلوب تفاعله مع المجتمع المحيط به.



العبارة السابقة بديهية ولا خلاف عليها وهى عند تطبيقها على أسلوب التواصل وتلقى المعلومات فى العالم الرقمى الجديد نستطيع وبسهولة أن نلمس اختلافًا كبيرًا عما سبق.

فطبيعة هذا العصر الذى يتعرض فيه الإنسان إلى كميات كبيرة من المعلومات يوميًا مع اعتماده على الهواتف الذكية والحواسب الآلية فى التخزين والاسترجاع فإن ذاكرته الطبيعية يقل استخدامها كثيرًا وهو ما يؤثر عليها بالسلب.

لماذا نعتمد على الذاكرة طالما يمكن تخزين كل شىء على تلك الوسائط الرقمية وإمكانية استرجاعه بسهولة بضغطة زر.

أمر مشابه لما فعلته الآلة الحاسبة من تعطيل لقدرات العقل الحسابية فى مقابل سطوة تلك الآلة وزيادة الاعتماد عليها.

القضية الأخرى فى هذا العالم الرقمى بجانب ضعف الذاكرة ترتبط بأسلوب تلقى المعلومات والتواصل بين البشر فما عادت المعلومات تقدم بالأشكال التقليدية القديمة بل تحولت إلى معلومات قصيرة الحجم قليلة الكلمات ولا يتم الاعتماد فيها على الكلمة المكتوبة فقط بل تطور الأمر إلى استخدام وسائل أخرى مثل الإنفوجراف ومقاطع الفيديو والمقاطع الصوتية الصغيرة.

هذا الأسلوب فرض على المعلومة أن تقدم بصورة مكثفة وبأقل عدد ممكن من الكلمات والأشكال وكذا أيضًا أقل زمن ممكن لتوصيلها للمتلقى.

وبالطبع فإن المتلقى سيتفاعل ويتأثر بهذا الأسلوب الجديد البراق والسريع وسينعكس ذلك على أسلوب تواصله مع الآخرين حيث إنه سيتبنى تلك الأساليب ولن يرضى عنها بديلًا.

وستكون نتيجة هذا الأمر هى الإحساس بالملل عند الاستماع إلى شيخ كبير يتحدث ببطء أو لسيدة تستخدم كثيرًا من الكلمات فى محاولة لتوصيل فكرتها.

هنا بالطبع سنجد الكثير من مواقف الضجر والمال وأيضًا المقاطعة لهؤلاء المتحدثين كما سنجد عزوفًا عن قراءة المطبوعات كبيرة الحجم أو مشاهدة فيلم طويل أو أغنية تزيد على خمس دقائق. 

وللتدليل على هذا التغير الحادث بالفعل قارن منشورين تضعهما على أحد مواقع التواصل الاجتماعى يكون الأول طويلًا مستفيضًا ويكون الثانى قصيرًا مختصرًا, فعدد علامات الإعجاب وكم التفاعل فى الحالة الأولى سيكون محدودًا مقارنة بالحالة الثانية.

أما عن أساليب إنقاذ العقل البشرى من  الانجراف والانسحاق أمام هذه الأساليب فهى أمر يحتاج إلى الانتباه والمكافأة.