الأحد 28 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اختر معركتك بحكمة

اختر معركتك بحكمة

كيف نختار معاركنا يا ترى؟! إن عبارة «اختر معركتك بحكمة» تعنى أن الحياة مليئة بالفرص، وأن نختار أن نضخم شيئا ما أو أن ندعه فى حال سبيله مدركين أنه» لا يهم مهارة يجب أن نتعلمها وهذا لأننا إذا انتقينا معاركنا بحكمة فسنوفر على أنفسنا الكثير من العناء والجهد.. وبالتأكيد فستكون هناك بعض الأوقات التى نرغب فيها لأن نجادل أو نواجه أو نقاتل من أجل شيء نؤمن به، ومع ذلك فإن هناك الكثيرين ممن يجادلون، يواجهون ويقاتلون على كل شيء دون تمييز وهم يحوّلون حياتهم إلى سلسلة من المعارك على أمور تعد نسبيا من صغائر الأمور، مما يملأ حياتهم بكثير من الإحباط واليأس والضغط العصبى والتوتر!!



والحقيقة أن الحياة نادرا ما تكون على الحال التى نريدها، كما أن الآخرين لا يتصرفون بالطريقة التى نرغبها، وسوف يكون هناك دائما من يختلف معك أو من ينجز الأمور بشكل مختلف عنك وكذلك أمور لا تنجح، واسأل نفسك هل من المهم حقا أن تثبت لزوجتك أنك على حق وهى على خطأ؟! أو أن تصطدم بسيارتك بشخص ما لأنه ارتكب خطأ طفيفا؟! واعلم أنك إذا ما ناضلت ضد مبادئ الحياة تلك فستقضى معظم حياتك وأنت تخوض المعارك، لذلك حاول أن تنتقى من الأمور المهم فقط ولا تصارع وتضخّم كل شىء تافه.

 ماذا لو فُرضت عليك بعض المعارك الجانبية ــ التى قد تبدو فى نظرك ونظر البعض تافهة ــ ولكنك مجبرٌ على خوضها بكل ما أوتيت من تبرير من وجهة نظرك كاستطلاع رأيك فى توجهات حزب سياسى (ما ) لا تميل طبيعتك إلى قناعاته أو رأيك فى مسألة عقائدية ثار حولها الكثير من الجدل بين مؤيدٍ  أو متشكك  ــ كالجدل الدائر فى أيامنا هذه ــ  ولكنك لا تملًك المجاهرة والمصارحة  برأيك  هل أنت مع أم ضد ؟! فتدخل مع نفسك وروحك فى دوامات الحيرة والتردد بين اجتياز تلك المعركة من عدمُه وبالتأكد ستكون ردودك مشوَّشة ومعلَّقة بين بين !!

وقد تتعرض الدول لاجتياز بعض المعارك الجانبية التى لا تريد خوضها كالمعارك على بضع عشرات الأمتار على الحدود وليس لها أية منافع تاريخية أو اقتصادية أو حربية ولكن تلك الدول مضطرة إليها كنوعٍ من الدفاع عن «الشهامة» و«الكرامة»  وموقعها وموقفها السياسى على الخريطة أمام بقية دول العالم، بل تقوم تلك الدول ــ أحيانًا ــ بالتصعيد داخل مجتمعاتها حتى تصبح قضية رأى عام، وتحويلها إلى قضية حياة أو موت، وقد كان من الممكن أن يتم التوصل إلى الحل الأمثل  والناجع لتلك القضية .. بزيارة وديَّة لأحد الدبلوماسيين ويتم تطبيق المثل الشعبى: «يا دار.. مادخَلِكْ شر» وهنا تظهر جليًا قيمة المقولة العاقلة: «اختر معركتك بحكمة»!

ويتلاحظ للمتابع لتلك القضايا التى تثار بين الحين والحين أن يتم التساؤل المنطقى: من الذى يُفجِّر تلك القضايا الهامشية سواء بين الأفراد أو الدول؟ 

ولنا أن نأخذ هذا المثال الذى نعيشه ونعاصره اليوم على أرض الواقع، وهو عن معركة الحياة والموت التى تم فرضها على جنبات العالم - للأسف - بقوة العلم والتكنولوحيا الخبيثة.. لا الحميدة، وهى معركة محاولة القضاء على انتشار مرض «كورونا» الشهير بـ«كوفيد 19»، هذا المرض الذى حصد أرواح وأجساد الملايين من عباد الله الصالحين وغير الصالحين، ولكنها إرادة عصابات «المافيا» التى تتحكم فى حجم ومقدار ومقادير البلاد والعباد.. ولك أن تتساءل ليقول لك السادة العالمين بخبايا وخفايا وبواطن الأمور : سل مراكز مخابرات الدول الكبرى عن سر انتشار هذا الوباء ولم ولماذا تم تفجير كبسولته القاتلة فى هذا التوقيت، ومتى سينتهى مفعولها لتتكشف أسرارها؟

ترى.. هل لسكان العالم - شرقه وغربه/شماله وجنوبه - حيلة فى محاولات اجتيازهم لحوائط النيران المستعرة  لهذه المعركة؟  فإنه ساعتئذ.. سيكون اللجوء إلى «الحكمة»: إجبارا.. لا اختيار! كأن تجد زميلا مزعجا او موظفا كسولا أو صديقا منافقا أو قريبا غير أمين فلا تجد مفرا من وجوب التصدى له لوضع حد لتصرفاته المسيئة التى تعكر صفو حياتك بكل ما تملكه من قوة، وقد تحاول إصلاح ذات البين ليعود كل إلى رشده ويصلح من نفسه ويضبط معاملته وسلوكياته لكن دون جدوى فطباع البشر تسكنهم  هنا تحاول النجاة بنفسك حفاظا على سلامك النفسى وتضع حدا لمعركة خاسرة.  

ومن ثم فلنهبط سويًا إلى أرض الواقع لحياتنا الآنية، والاضطرار إلى اختيار اللجوء إلى معركة كبيرة بكل «الحكمة»، وهى معركة الجهاد مع النفس، وهى الجهاد الأكبر ـ كما يحلو أن يصفها علماء الدين وحراس العقيدة. وهُنا.. تكون «الحكمة» واجبة واختيارًا رائعًا بعيدًا عن مهاترات السياسة وأطماع السياسيين مُفجرى قنابل «الفتن» بين فصائل الشعوب داخل مجتمعاتهم، يستوى فى هذا الفتن العقائدية أو السياسية أو الاقتصادية ومواصلة التحريض على التمرد وشق عصا الطاعة على الحُكم والحاكم والقوانين والأعراف السائدة فى بعض المجتمعات بغية  الوقوف ضد تيار نهر الحياة وزعزعة الاستقرار وهدم الوئام بين الأفراد والمجتمعات وفى تلك الأحوال يستوجب «اختيار الحكمة» والتنسيق مع الروح والنفس  للدخول فى معركة الجهاد الأكبر وهى معركة مساحتها طول عمر الإنسان منذ أن يدرك ـ أو يدركه ــ الوعى حتى آخر أنفاسه على ظهر البسيطة، فالإنسان السوى يظل فى صراعٍ مع النفس والأهواء التى تتأرجح به  بين متطلبات الدنيا..  وتحذيرات الدين والعقيدة! رئيس قسم الإنتاج الإبداعى الأسبق بأكاديمية الفنون وعضو اتحاد كتاب مصر