الثلاثاء 30 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
وصفولى الصبر

وصفولى الصبر

فى أغنية «ودارت الأيام» لكوكب الشرق السيدة أم كلثوم وكلمات المبدع مأمون الشناوى وتحديدًا فى المقطع الثالث منها نجد وصفًا للصبر تقول فيه «وصفولى الصبر لقيته خيال وكلام فى الحب يا دوب يا دوب ينقال» كان ذلك فى عام 1970 الذى شهد أيضًا أغنية للمطرب الكبير وديع الصافى يقول فيها «يا عينى ياعينى عالصبر يا عينى عليه يشوف الدمع فى عينينا يواسينا يشوف الجرح فى ايدينا يداوينا ولما الدنيا تنسانا نلاقى الصبر ويانا».



أغانى الصبر كثيرة ومستمرة حتى يومنا هذا  وما بعده أيضا، إلا أن الشاعر يطلق العنان لقدراته الإبداعية لتوصيف الصبر طبقًا لسياق ما يكتبه من أغان، فهل هذا هو المعنى الحقيقى للصبر؟

سؤال يجعلنا نعود إلى المعنى الدارج للصبر وهو الذى يعنى ببساطة «الانتظار» شريطة أن يكون انتظارًا هادئًا بلا أدنى ردود أفعال سلبية، نجد هذا كثيرًا ونستخدمه عندما نجد أحدًا أمامنا يهم بأن يقوم برد فعل نتيجة مؤثر خارجى وهنا نعاجله بكلمة «الصبر» التى نستخدمها كفعل أمر بمعنى «اصبر» أو نعاجله بالجزء الأخير من الآية 153 من سورة البقرة قائلين «إن الله مع الصابرين» وهنا يفهم المتلقى أننا نأمره بالانتظار، و لكن هل هذا الجزء من الآية مثل فعل الأمر فقط وهل الصبر يعنى الانتظار و الامتناع عن أى ردة فعل أم يعنى أمورًا أخرى أيضًا؟.

أحد تعريفات معنى الصبر تشير إلى أنه عبارة عن الصمود المستمر على الأشياء المؤلمة نفسياً وتحملها بروح عالية ونفس طيبة دون إظهار ملامح الاستياء والانفعال على الوجه بحيث لا تكون مرئية أو محسوسة من قبل الآخرين.

عودة إلى الآية 45 من سورة البقرة والتى يأمرنا فيها المولى عز و جل قائلًا « وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ»، وبالعودة إلى كتب التفاسير لبيان معنى الصبر المذكور فى الآية فإننا نجد عدة أنواع منها الصبر على الطاعة وفعل الخيرات بمعنى المداومة عليها وتشمل أيضا الصبر عن المعصية وترك الموبقات بما فى هذين النوعين من مشقة كبيرة.

يأتى الصبر أيضًا عند المصيبة والابتلاء بالتقبل و حسن التصرف وعدم الجزع كما يأتى أيضًا عند قدوم النعمة بالشكر وحسن التصرف وعدم الاغترار.

الآية 45 من سورة البقرة تنتهى بتقرير «وإنها  لكبيرة إلا على الخاشعين» أى الخاضعين لطاعة الله المصدقين بوعده ووعيده ،الخائفين سطوته والمؤملين فى رحمته، والتقرير فى الآية 153 من نفس السورة «إن الله مع الصابرين» تعطى قوة وأملًا وتثبيتًا للصابرين أنهم فى معية الله عز وجل بالرغم مما قد يعتريهم من انفعالات داخلية ينجحون فى كبح جماحها ليفوزوا بالمعية والرضوان والفضل ، وهذا يعنى أن الصابر لا يشتكى فكيف يكون الله معه و يبحث عن مخلوق ليسأله؟.

اللهم اجعلنا من الصابرين.