السبت 24 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
النوستالجيا..!!!

النوستالجيا..!!!

«النوستالجيا» هو مصطلح يونانى استخدم لوصف الحنين إلى الماضى، وهو شعور يصيب الكثير من البشر، فبعض الإحصائيات العلمية أثبتت أن 80% من البشر يشعرون «بالنوستالجيا» مرة على الأقل أسبوعيًا؛ واعتبروها آلية يستخدمها البشر لتحسين الحالة المزاجية، خاصة عند كبار السن عندما يشعرون أن الحياة فقدت قيمتها فيقومون باستدعاء الذكريات واللحظات السعيدة؛ مما يبعث فى نفوسهم دفعة من الأمل والسعادة، وترى طائفة من العلماء أن «النوستالجيا» تدفع إلى رفع مستوى كفاءة البشر لأنها تحسن من الحالة النفسية وتزيد من الرغبة فى التواصل الاجتماعى مع الأشخاص الذين يرتبط الماضى بهم، وبالتالى فهى تعزز السلام الداخلى، بل إن البعض شبهها برياضة اليوجا لأنها تخفف ضغوطات الحياة. 



 ولا خلاف على أن ما سبق له وجاهته ولكن الحقيقة الغائبة أن «النوستالجيا» عندما تطفو على السطح لدى البعض  فيمكن أن تكون نتيجة إصابة صاحبها بحالة من اللاوعى أو عدم الرضا أو الاضطراب أو التشويش أو الارتباك أو الحيرة، كما يمكن أن يكون  صاحبها مفتقدًا للاستقرار، أو تواقًا إلى الهروب من الواقع، أو لديه شعور متضارب بالعجز وإعلاء الذات فى نفس الوقت، أو أعيته معارك الحياة ويحتاج إلى الاستراحة محارب لبعض الوقت.. والواقع أن هذه الحالة إذا فاقت معدلها الطبيعى لدى البعض فإن ذلك إنما يشير إلى أن صاحبها أخذ فى تحطيم وإفناء حياته تحت قبة زجاجية من الوهم تفصله عن الواقع.. فهى حالة شديدة التعقيد، ولكن على أى حال ما يهمنا هو انعكاس هذه الحالة على مستقبل البشر.. وبعبارة أخرى هل يمكن أن تصاب الأمم «بالنوستالجيا»؟ والذى يدعونا لطرح هذا التساؤل أن  أمم عديدة عبر تاريخ البشرية أشرقت بحضارتها المزدهرة وكانت ثقافتها منارة تهتدى بها باقى الأمم، ولكن سرعان ما انزوت وتقوقعت على نفسها و اعتَل عطاؤها، فهل يمكن أن تصاب بالنوستالجيا أثناء مراحل سقَمها؟ خاصة أن الأمم أثناء فترات التراجع يمكن تصاب بحالات دخيلة ومغايرة لطبيعتها، فعالم النفس «إريك فروم» يقول إن من أسباب انهيار الأمم أصابتها بأكملها بالجنون عندما يشترك أبناؤها ويتعايشون فى ذات الرذائل والأخطاء.. لأن المنطقى أن يرفض الإنسان التعايش مع الرذائل والأخطاء، والواقع أنه لا خلاف على أن الأمم يمكن أن تمر بحقب من الازدهار يعقبها حقب من الانهيار أو الانحلال أو السقوط أو التراجع يكون شعوبها خلال هذه الحقب مصابين بحالة من اللامبالاة وضعف البصيرة والمهارات ولديهم باعث داخلى يجنح إلى التحطيم  سواء أكان تحطيم ذاتهم أو غيرهم، فضلًا عن انهيار قيامهم، وتلاشى قدرتهم على التحدى، ومما يزيد الأمر سوءًا إصابة شعوب هذه الأمم أثناء تلك الحقب المظلمة من تاريخها «بالنوستالجيا» كنوع من الدفاع عن الذات لإعلاء شأنهم تخفيفًا عن شعورهم  بحالات التراجع والانكماش والعجز.. ولكن على أى حال، فالحقيقة أنه ما كان لأمة أن تركن لماضيها وتغفل حاضرها ومستقبلها، لأن الماضى يجب  أن يكون حافزًا للحاضر وأداة لاستشراف المستقبل بالاستفادة من التجارب السابقة، ومن هنا يجب الاحتياط إلى أن إصابة الأمم المفرطة «بالنوستالجيا» تؤثر على مسيرة نهوضها لأنها تتسبب فى تثبط  عزيمة شعوبها وعرقلة مسيرتها وتباطؤ تعافيها .