الثلاثاء 30 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
هل لك سر عند الله؟

هل لك سر عند الله؟

“هل لكَ سِرٌّ عِندَ اللهْ؟،بينكَ أنتَ وبينَ الله؟ ،هل لكَ صَدَقاتٌ تَخفى، لا يعلمها إلا اللهْ، قِصصٌ لا تُكشَفُ إلا بكتابكَ حينَ ترى اللهْ”المقطع الشهير السابق من أنشودة للمقرئ مشارى راشد العفاسى، وبغض النظر عن تقبل فكرة أن يقوم أحد المقرئين بالتوجه إلى الإنشاد الدينى أو العكس، فإن العبارة عنوان الأنشودة نراها كثيرا على شبكات التواصل الاجتماعى،إما أن تكون مقترنة بمقطع مصور لشخص يسير فى أحد الشوارع بينما حافلة كبيرة تجنح وتتجه ناحيته بسرعة ولكنها لا تصيبه، أو مقطع لقائد لسيارة ينجو من موت محقق وأى من مظاهر النجاة الأخرى.



وبغض النظر عن إشكالية المقرئ/المنشد وإشكالية مقاطع الفيديو المنتشرة إلا أن السؤال عن وجود سر مع الله أراه سؤالا لا يصح  ولا يجب الالتفات إليه أو التفكير فى الإجابة عليه، إما إن كان من قبيل التعجب أو التوقع فلا بأس.

وفى الحقيقة أن البعض يقع فى فخ الإجابة إما لاعتقاده أنه سيكون سببا فى هداية آخرين أو لأن الشيطان قد داخله ودفعه إلى مناطق الرياء والعجب وهنا يتبادر إلى الأذهان سؤال مهم عن كيفية التصرف فى هذا الموقف، هل نتكلم ونعلن أم نتكتم الأمر ونتخطاه وهو صراع أنشأ جدلا واسعا وفى تقديرى أن هذا الجدل لن ينتهى، فسيستمر العبد فى التأرجح بين الرأيين جيئة وذهابا.

التفكير المنطقى يقودنا إلى أنه لا يجب علينا الإجابة لأنها تقع تحت باب “إفشاء الأسرار” ولأنها ستنفى عن السر صفته الرئيسية ولكن على الجانب الآخر فإن منطقية اأن الإجابة قد تدفع آخرين إلى الهداية ستظل حاضرة وبقوة فما العمل إذا خاصة أن العديد من كتب التراث تمتلئ بقصص عن محاولات الصالحين إخفاء أعمالهم ولكن قد يطلع عليها البعض عن طريق الصدفة أو بعد انتقال صاحبها إلى الرفيق الأعلى، فما العمل إذا؟

تأتى الإجابة من منطقة أخرى تماما سطرها الإمام البخارى فى صحيحه فى أول باب  “بدء الوحى” حين بدأ بالحديث النبوى الشريف عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه، «قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه» والمعنى والمقصود أن السر ليس فى العمل بل إن السر هو النية، فنية العبد فيما يقول وما يفعل لا يعلمها ملك فيكتبها ولا يعلمها شيطان فيفسدها وهو ما يأتى مصداقا للحديث القدسى: “الإخلاص سِرٌّ من أسرارى أودعته قلب مَنْ أحببت من عبادى، لا يطلع عليه مَلَك فيكتبه، ولا شيطان فيفسده”.

وعليه فإن “إخلاص النية” هو الأمر الجدير بالإخفاء ليبقى سرًا عند الله مهما حاول البعض تفسير الأقوال والأفعال أو تتبعها أو السؤال عنها بصورة مباشرة كما جاء بالأنشودة المذكورة.