الثلاثاء 30 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
التفاحة والجمجمة

التفاحة والجمجمة

التفاحة والجمجمة هو عنوان أول رواية فكاهية طويلة للكاتب الساخر الراحل محمد عفيفى صدرت عام 1965 وتحولت إلى فيلم سينمائى إنتاج 1986 بطولة النجم حسن يوسف والفنانة إيمان بالإضافة إلى أنور إسماعيل وإبراهيم نصر، تتحدث الرواية عن غرق أحد السفن ونجاة خمسة من ركابها حيث يصلون إلى جزيرة منعزلة ويحاولون التعايش وتدور أغلب أحداث الرواية على تلك الجزيرة قبل أن تنتهى بجريمة قتل ثم إبحارهم بمركب صنعوها.



تذكرت تلك الرواية عندما مررت بإحدى صفحات الفيسبوك والتى سأل فيها أحدهم عن نظام التشغيل الأمثل للتليفونات المحمولة وهل ينصحه الآخرون باقتناء جهاز غالى الثمن يقتنيه نحو 13% من المستخدمين أم يستمر بنظام التشغيل المنتشر والذى يستخدمه 87% من إجمالى عدد المستخدمين.

الغريب أن أغلب الإجابات أتت له بتحذير من اقتناء تلك الأجهزة وتعددت أسباب هذا التحذير فمنها من يجد أسلوب التصفح صعبًا والبعض الآخر يشكو من عدم وجود برامج كثيرة يمكنه تحميلها كما هو الحال فى نظام الاندرويد –وهو الذى تغير رمزه من شكل روبوت كامل إلى مجرد الاكتفاء بالرأس فقط- تحدث البعض الآخر عن أن أسباب الاقتناء يكمن أغلبها فى حب المظاهر والتأثير على الآخرين فى بيئة العمل أو فى أى تجمعات أخرى مع توصيات بأن المحمول وحده لا يكفى بل يجب أن تشمل المنظرة ساعة اليد وميدالية مفاتيح السيارة والملابس غالية الثمن.

وللأمانة أيضا فإن نسبة لا تزيد على 10% اشارت الى انهم لا يستطيعون استخدام هاتف آخر نظرا لأنه الأفضل، وخاصة لجودة كاميرا التصوير الموجودة به، وأشار البعض الآخر إلى أن درجة الأمان فى تلك الأجهزة هى الأعلى على الإطلاق حيث إنه من الصعب بمكان اختراق تلك الأجهزة أو إصابتها بأحد الفيروسات ومن الصعب أيضا أن تتوقف عن العمل بلا سبب Hang كما هو شائع فى الهواتف الأخرى كما أن بها تطبيقات خاصة للمحادثات المرئية يجدونها آمنة جدا ويمكن من خلالها التواصل والحديث بحرية. 

أشار البعض إلى أمور منطقية أخرى منها أن هاتفًا يحمل نفس الإمكانيات يمكن شراؤه بخمس الثمن وأن الأمان ليس هو الميزة التى تدفعهم لإنفاق تلك المبالغ الطائلة. وفى الحقيقة فإن الكثير من تلك الأمور لا يفكر فيها المستخدمون كثيرًا قبل أخذ قرار الشراء بل تجدهم مدفوعين بشهوة التقليد والتميز وهو ما يجعلهم يتغاضون عن النظر إلى الهدف الأساسى من تلك المنتجات.

فإذا سلمنا بأن الأمان هو المحرك الرئيسى للاختيار فإن البحث البسيط على شبكة الإنترنت يحتوى على الكثير من الأخبار التى تزعزع تلك الفكرة ومنها بعض الأكاذيب أيضا منها وجود تغريدة لايلون ماسك وصف أصحاب هذا الهاتف بالأغبياء ولكن هذا لم يحدث منه على الإطلاق، اما بخصوص الأمن والأمان الذين يوفرهما نظام التشغيل المقصود فإن رجل الأعمال جيل شويد صاحب إحدى كبرى شركات أمن المعلومات العالمية قد صرح مؤخرا بانه لافرق تقريبا بين نظامى التشغيل وأن انتشار التطبيقات الجديدة يجعلهما فى مراكز متقاربة من حيث الأمان ويستشهد على ذلك بالاختراق الكبير الذى حدث فى سبتمبر من العام الماضى للأجهزة من خلال برمجية خبيثة تدعى بيجاسوس Pegasus  وهى التى طالت 600 مسئول حكومى و189 صحفيًا و65 رجل أعمال  وما خفى كان أعظم.

وفى الحقيقة أن عدم اليقين من درجة التأمين يجعل الحل الوحيد للتواصل الآمن أن نهجر كلا من التفاحة والجمجمة مثلما هجرهما أبطال الرواية واستقلوا قاربا بسيطا ليصل بهم إلى بر الأمان.