الثلاثاء 30 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
طقم سنان مسوس

طقم سنان مسوس

منذ عدة سنوات كتبت مقالا فى إحدى المدونات اتعجب فيه من الأسنان الصناعية الكاملة والتى تعرف اختصارا بـ»طقم الأسنان» والذى وجدته دائما يصنع بلون أبيض ناصع البياض، وتحدثت عن مدى شعورى بالدهشة لأن اغلب اطقم الأسنان تكون كذلك وهو ما يجعلها غير واقعية وشديدة الوضوح، بالطبع لطقم الأسنان وظيفة أخرى أساسية وهى مساعدة الشخص المسن فى عملية مضغ الطعام وكذا أيضا عدم إبقاء فمه خاويا مما يؤثر على شكل الفكين والشفتين ولكن تكون له وظيفة أخرى مرتبطة باكتمال الصورة المطلوبة والابتسام بلا حرج.



كان وما يزال اللون الأبيض الناصع مثيرا لحفيظتى ببساطة لأنه من غير الطبيعى أن يكون رجلا مسنا أو سيدة مسنة تمتلك هذه الأسنان البيضاء وطالبت بوجود القليل من الواقعية والموضوعية لكى يكون اللون مائلا إلى الاصفرار ليعطى لمسة الواقعية المفقودة.

بعد ذلك بسنوات اتت موضة أخرى وهى موضة «تبييض الأسنان» وهى التى انتشرت كالنار فى الهشيم بداية من النجوم والفنانين وصولا إلى الأفراد العاديين ولا أدرى على وجه التحديد ان كانت تلك الحمى قد انتشرت فى باقى أنحاء العالم مثلما انتشرت فى منطقتنا العربية أم لا وهنا أيضا أجدها مصطنعة وغير طبيعية ولكنها للأسف ثقافة القطيع فى اللهاث حول كل ما هو جديد مدغدغة رغبات وشهوات حب الكمال والظهور بصورة مثالية حتى وأن لم يكن الأمر كذلك.

الأمر الاعجب هو ما انتشر مؤخرا من خلال برامج الحاسب وعدد من تطبيقات التواصل الاجتماعى مثل التيكتوك والانستجرام وغيرهما حيث انتشرت الفلاتر Filters بصورة غير مسبوقة ولم يقتصر دورها على تبييض الأسنان فحسب بل امتد ليشمل تنقية البشرية وإضفاء نضارة مصطنعة وكذا أيضا إخفاء للتجاعيد وعيوب الوجه بصورة مبالغ فيها.

أعرف أن تلك الفلاتر ما هى الا هوجة ستنتهى كما انتهت تقاليع أخرى كثيرة ولكن فى حقيقة الأمر فإن استخدامها بكثرة ينم على عدة امال وسعى من أجل الكمال ومن أجل أن يبدو صاحبها فى صورة مثالية كما ان ذلك يؤكد كم عدم الرضا الذى يجتاح العقول والقلوب عن كل شىء حولنا وصولا إلى خلقة الله، اتذكر منذ عدة سنوات أن شاهدت إعلانا تليفزيونيا لكريم لتفتيح البشرة فى أحد القنوات الهندية وبعد عدة أيام وجدت إعلانا آخر فى احد القنوات الألمانية عن كريم لإضفاء اللون الأسمر أو البرونزى على بشرة السيدات وهو ما دفعنى إلى تذكر المقولة التراثية “محدش عاجبه حاله”.

وفى تقديرى فإن استمرار تلك الهستيريا يفقد الجمال الطبيعى رونقه وسيجعلنا يوما ما- وهو قريب جدا- نعجب بالشخص الواثق فى نفسه الذى يخرج علينا بلا فلاتر ولا كريمات على الإطلاق معلنا عن تقبله للكيفية التى خلقه الله عليها.