الاستثمار فى الميتافيرس

منذ تم الإعلان عن النمط المستقبلى للتواصل الاجتماعى ثلاثى الأبعاد-الميتافيرس- قبل حوالى ستة أشهر من اليوم والحديث لا يتوقف حول هذا الأمر، بين من يقوم بشرح لشكل هذا العالم الافتراضى الجديد موضحًا المميزات والإشارة إلى العيوب أيضًا، وبين من لا يرى فى الأمر إلا مجموعة مركبة من العيوب والمخاطر التى ستجعل المستقبل مظلمًا تمامًا على جميع الأصعدة، بالطبع بين هذا وذاك مسافة كبيرة للآراء المتعددة وفى جميع المجالات أيضًا، فالأمر وإن بدا أنه مرتبط ارتباطًا مباشرًا بالتحول الرقمى وتقنيات المعلومات والاتصالات، إلا أنه فى الحقيقة فهذا الارتباط يعود ببساطة إلى أن تلك التقنيات هى مجرد أداة لتسهيل وتحقيق أغراض أخرى.

الأغراض الأخرى واضحة فى الكثير من النقاط وغامضة فى البعض الآخر، إلا أن الجانب الاقتصادى وانعكاساته الاجتماعية والنفسية والسلوكية تتصدر المشهد دائمًا وهو ما أعطى الميتافيرس هذا البريق وهذا الإقبال الكبير من الجميع سواء مستخدمين أو مستثمرين.

وهنا نأتى إلى ما يمكن أن يطلق عليه “حمى الاستثمار” فى الميتافيرس والتى نطالع أخبارها بصورة شبه يومية وهو ما يزيد من تلك الحمى ومن رغبة المزيد من المستثمرين للدخول فى هذا المجال، فهم يشعرون بأن الأمر يستحق ويشعرون أنه كلما كان تواجدهم مبكرًا Early Investors كلما كانت الفوائد المحققة أكبر والمكاسب أكثر وأكثر.

حسنا، الفقرة السابقة واضحة تمامًا وبديهية أيضًا ولكن عندما يكون الأمر مرتبطًا بمشروع كبير لا تزال أبعاده المتعددة غير واضحة بالكامل ولا الفترة الزمنية المطلوبة ولا أعداد المشاركين فإن من الطبيعى أن يكون الاستثمار محسوبًا وتكون فرصه محدودة وهو ما دفع البعض للسؤال عن كيفية الاستثمار فى هذا القادم الجديد.

وبغض النظر عن مدى تعقيد الميتافيرس فإنه يمكن النظر إليه مثلما ننظر إلى شبكة الإنترنت حاليًا فمن يرغب فى الاستثمار فى شبكة الإنترنت فعليه أن يقتحم أحد أو كل المجالات الخمسة المعروفة وهى: البنية التحتية للاتصالات-المكونات المادية(الأجهزة)-المحتوى-المنصات-وسائل الدفع الإلكترونى، هذه المجالات الخمسة هى ما قد تجعلنا نراقب المستثمرين ونعرف إلى أين يتجهون، حيث يتجه البعض إلى الاستثمار وشراء أسهم فى شركات الاتصالات والمكونات المادية المستخدمة فى بناء وتشغيل الميتافيرس كما قد يتجه البعض الآخر إلى وسائل الدفع الإلكترونى ومنها بالطبع العملات المشفرة والـ NFT وقد يتطور الأمر بهؤلاء المستثمرين فيقومون بعمل منصات خاصة بهم بنفس التقنية على أن يتم الربط والتكامل مستقبلًا أو يتم الأمر من خلال شراء مساحات داخل الميتافيرس الأصلى لعرض محتوى خاص بهم.

بعض مجالات الاستثمار غير المباشر قد تشمل على سبيل المثال شراء أسهم أو المساهمة بدعم مشروع لتطوير الرقائق الإلكترونية المستخدمة فى الكاميرات اللازمة للدخول إلى الميتافيرس وقد تكون المساهمة فى تحويل بعض من المحتوى المادى (ثقافى وخلافه) إلى صورة رقمية مناسبة لمستخدمى الميتافيرس.