السبت 19 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
حيل غير مكشوفة

حيل غير مكشوفة

يشعر الإنسان بالنصر – وبالذكاء أيضًا- عندما يستطيع أن يكشف أحد الحيل التى يقوم بها الآخرون، هنا يشعر أن مستوى ذكاءه مرتفع وهو ما يعطيه المزيد والمزيد من الثقة بالنفس ولكن للأسف فى أحيان أخرى ينخدع بحيل فى غاية البساطة والسذاجة ويكون التبرير موجودًا وجاهزًا حيث يقول: «ما يقع إلا الشاطر».



الغريب أن بعض تلك الحيل وبالرغم من أنها حيل قديمة أكل عليها الدهر وشرب، إلا أنها ما تزال مستخدمة ومايزال لها ضحايا كُثر، أحد أشهر تلك الحيل فى بيئة العمل هى تلك المستخدمة لإعطاء انطباع وهمى بالانشغال والأهمية، وهى مجموعة حيل بسيطة ساذجة تبدأ من السير مسرعًا مقطبًا الجبين ويا حبذا أن صاحب هذا المشهد حمل عددًا من الأوراق المتناثرة - قد تكون فارغة تمامًا- ويضاف إلى هذا عدم إلقاء السلام على باقى الزملاء.

يمكن إضافة مجموعة أخرى من «الحركات» لزيادة الحبكة الدرامية للشخص المشغول مثل عدم الرد على الهاتف أو إغلاقه عمدًا أو الرد و إعادة الاتصال فى اليوم التالى مع التعلل بأن سبب التأخير هو الانشغال المستمر فى التزامات واجتماعات رفيعة المستوى.

أمر مشابه يحدث على صفحات التواصل الاجتماعى وبرامج المحادثة التى تستخدم أيضا فى أداء الأعمال اليومية بل أصبجت جزءًا لا يمكن الاستغناء عنه فى منظومة العمل بالفعل، وهنا يكون البطء هو مفتاح الانشغال، فلا يجب أن تقوم بالرد على أى تعليق أو الرد على أى رسالة تصل إليك بسهولة، بل يجب أن تنتظر بضعة أيام قبل الرد، ببساطة لأنك مشغول وأنه لا وقت ولا مساحة ذهنية متاحة لهذا الهراء.

الحيلة الأخرى غير المكشوفة هى حيلة الاسترسال فى الحديث وزيادة المترادفات والدخول فى تفاصيل جانبية غير مهمة ويا حبذا إن تم تطعيم هذا الكلام بعدد من المصطلحات الإنجليزية، كل ذلك مع لغة جسد رصينة وساعة يد كبيرة ونظرات باردة بطيئة، هذه الخلطة كفيلة بصنع التأثير المطلوب بعيدًا عن قيمة ما يقال، هذه الحيلة انطلت وتنطلى وستنطلى على ملايين من البشر، الأمثلة الحاضرة كثيرة منها من تم القبض عليهم مؤخرًا نتيجة ادعاء العلم والمهارة والمناصب العليمة مع انتشار إعلامى سريع وكبير مستغلًا ثقافة القطيع والتى ستتكفل بصناعة هؤلاء النجوم و تمهيد الطريق أمامهم لتحقيق مكاسب طائلة وشهرة تجوب الآفاق.

وفى النهاية أقول: إن تلك الحيل مكشوفة للبعض من ذوى الخبرة والعلم وأرى أن من واجبهم توعية وتعريف الأجيال الجديدة بتلك الحيل ومدى خطورتها مهما أظهر القطيع من مقاومة أو مهما بدا مقتنعًا.