الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«العمامة» فى دراما رمضان

رجل الدين أحد الشخصيات التى تحظى باهتمام درامى على مر السنين، إذ تدرج صناع الدراما فى رسم صورته بين هزلية وجدية وجدلية ومستنيرة، وصاحبت كل تلك الصور حالة من الجدل والنقاش، بين مستهجن ومستحسن، لكن يبقى دور «الشيخ يحيى» فى مسلسل «فاتن أمل حربي»، الأكثر جدلًا على الإطلاق، لما يحيط بالشخصية من معالم اعتبرها البعض «صادمة» عن صورة رجل الدين التى اعتدنا عليها فى الدراما.



تدور أحداث المسلسل حول امرأة تعانى من مشكلات مع طليقها وتواجه بعض العقبات بسبب قانون الأحوال الشخصية، الذى يحرمها من أطفالها إذا تزوجت من رجل آخر، وتقودها الأحداث إلى لقاء الشيخ يحيى الذى تناقشه فى قضايا عديدة تخص حقوق المرأة فى الإسلام.

يرى البعض أن أفكارًا ثورية ومستنيرة تم تمريرها عبر شخصية «الشيخ يحيى» التى جسدها الممثل الشاب محمد الشرنوبي، فيما وجد آخرون إن المسلسل محاولة لـ»هدم ثوابت الدين»، وظل الجدل دائرّا حتى أصدر مركز الأزهر العالمى للفتوى بيانًا شديد اللهجة كشف عن غضب عارم داخل المؤسسة الأزهرية بسبب المسلسل.

الأزهر أكد على دعم الإبداع المُستنير الواعي، وحذر من الاستهزاء بآيات القرآن الكريم، وهدم مكانة السُّنة النبوية، وإذكاء الأفكار المتطرفة، وتشويه صورة عالِم الدّين فى المجتمع.

وأضاف البيان: تشويه المفاهيم الدِّينية، والقِيم الأخلاقية؛ بهدف إثارة الجَدَل، وزيادة الشُّهرة والمُشاهدات؛ أنانيَّة ونفعيَّة بغيضة، تعود آثارها السَّلبية على استقامة المُجتمع، وانضباطه، وسَلامه، ولا عِلم فيها ولا فنّ.

وتابع: تعمُّد تقديم عالِم الدّين الإسلامى بعمامته الأزهرية البيضاء فى صورة الجاهل، الإمّعة، معدوم المروءة، دنيء النَّفس، عَيِيّ اللسان -فى بعض الأعمال الفنيّة-؛ تنمُّرٌ مُستنكَر، وتشويه مقصود مرفوض، لا ينال من العلماء بقدر ما ينال من مُنتقصيهم، ولا يتناسب وتوقير شعب مصر العظيم لعلماء الدِّين ورجاله.

واستكمل: الاستهزاء بآيات القرآن الكريم، وتحريف معانيها عمّا وُضِعت له عمدًا، وعَرْض تفسيرات خاطئة لها على أنها صحيحة بهدف إثارة الجدل؛ جريمة كُبرى بكل معايير الدين والعلم والمهنية، وتَنكّرٌ صارخ للمُسلَّمات.

ورد البيان على جزئية مهمة شكلت محورًا للجد على وسائل التواصل الاجتماعى وهى الاستناد إلى الأحاديث النبوية كمصدر للتشريع، وعنها قال: السُّنة النّبويّة الصّحيحة ثانى مصادر التشريع الإسلامى بعد القرآن الكريم، وهى التطبيق العملى له، وأُولَى أدوات فهمه واستنباط أحكامه، التى دلَّ القرآن على اعتبارها وحيًا إلهيًّا من قول سيدنا رسول الله ﷺ وفعله وتقريراته، ومحاولة تهميشها وتنحيتها؛ محاولةٌ لهدم عِماد من عُمُد الدين، واعتداءٌ مرفوض على مكانة صاحب السُّنة سيدنا ومولانا محمد ﷺ.

وفيما يخص الاجتهاد قال: إجماع العلماء المُتخصصين المُجتهدين فى أحد العصور على حكم شرعى حُجَّة مُعتبرة، لا يجوز مخالفتها، لا لكون آحاد هؤلاء العلماء معصومًا كما يُزعَم، بل لاستحالة خطئهم مُجتمِعين فى فهم نصٍّ، دلَّت على صِحَّته أدوات العلم والاستنباط، التى تخصَّصوا فيها وأتقنوها.

قبضة الهلالي

مراجعة العمل فقهيًا من جانب أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الدكتور سعد الدين الهلالي، أضفت عليه أهمية وألبسته زيًا خاصًا لا يقبل التهميش، إذ إنه أحد المتخصصين فى شؤون الفقه رغم آرائه المثيرة للجدل.

بعد موجة الهجوم التى تعرض لها المسلسل خرج «الهلالي» للتعليق عبر صفحته الرسمية على «فيس بوك» قائلًا: مسلسل فاتن أمل حربى أظهر معدن الأغلبية المصرية الطيبة التى تجتمع بفطرتها السوية لحماية الضعيف، وجبر خاطر المكلوم، والشد من أزر المظلوم، وإكرام الضيف والتواصى به خيرا.

وتابع: المسلسل فضح شرذمة أوصياء الدين وجهلهم بفقههم المتجدد، وكشف أعدادهم المحدودة التى فرضت نفسها بغليظ القول وعسر الرأى وتشدد الفتوى، واصطادت ضحاياها بالجعجعة والغيبة والنميمة وافتراء الكذب وهتك أعراض مخالفيهم وبكاء التماسيح وادعاء المظلومية تحت ستار نصرة الدين لإنفاذ ظلمهم بهدم الكرامة الإنسانية للعامة، وإضاعة حقوق المرأة الفطرية، والافتئات على الآخرين.

وأكد أستاذ الفقه على أن كل ذلك تسبب فى تشويه صورة الدين البريئة التى تأخذ بيد الإنسان وتخدمه وترفع قدره بحرية الاختيار، دون الطبقية المقيتة بين عوام المؤمنين وبين أوصيائهم.