تنميـة سينـاء
«سيناء»، تلك البقعة التى اصطفاها الله، ليتجلى على أرضها، ومرت منها السيدة العذراء مريم حاملة السيد المسيح لتحتمى بمصر، سيناء التى ذكرت فى القرآن الكريم كتاب الله الذى أنزل على النبى الأمين محمد صلى الله عليه وسلم بقوله:
«والطور وكتاب مسطور» «وطور سينين»، والطور هو الجبل الذى ينبت فيه الشجر، وفيها «الوادى المقدس» كما وصفها المولى سبحانه فى كتابه» فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَىٰ إِنِّى أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى»، أو البقعة المباركة كما ذكرت فى قوله :» فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِى الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَىٰ إِنِّى أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ»، كل هذا جعل من أرض الفيروز مكانًا له مكانة وخصوصية روحية كبيرة، وبعيدًا عن ذلك فقد كانت «سيناء» مطمعًا كبيرًا لكثير من القوى والدول على مر التاريخ، وتشهد بذلك دماء أبناء مصر من الشهداء التى روت أرضها، دفاعا عنها وعن المقدسات.
القارئ للتاريخ، يدرك أن «عبقرية المكان»، جعلت من سيناء هدفًا للغزاة، فقديمًا كان القدماء المصريون يستخرجون منها النحاس والفيروز، وكانت بوابة مصر لردع الغزاة وتأديبهم حال محاولتهم مهاجمة الوادى، وفى العصريين الرومانى واليونانى، كانت طريقًا للتجارة، ما أدى لإقامة عدد من المدن بها، واستمرت أهميتها حتى الفتح الإسلامى، فكانت ممرًا لعبور الفاتحين بقيادة عمرو بن العاص، وخلال الحروب الصليبية قام بلدوين الأول حاكم بيت المقدس الصليبى، بدخول سيناء ورفض رهبان «دير سانت كاترين» استضافته، وبعدها بعام بنى قلعة فى وادى موسى، للسيطرة على سيناء والتحكم فى طريق التجارة، لكن موته، أوقف ذلك المخطط، وتصدى المصريون بقيادة صلاح الدين الأيوبى بعد ذلك للمحاولات الصليبية، واستمرت سيناء تلعب دورًا حتى احتلالها عام 1967، لكن مصر كعادتها أطاحت بأحلام «بنى صهيون» وطردتهم بعد معركة «أكتوبر»، من أغلب سيناء، وتخوض بعدها معركة دبلوماسية أظهرت «عبقرية» المصرى، لينجح فى استعادة سيطرة مصر على كل سيناء فى 25 أبريل 1982، باستثناء «طابا»، والتى استردتها مصر فى 19 مارس 1989، ليرفرف العالم المصرى على كل سيناء.
بعد تحرير سيناء، غابت التنمية عن أرضها، وعانى أهلها، حتى تولى الإخوان الحكم، والذين زرعوا فيها الإرهاب، وسعوا لبيعها وتقديمها هدية لأسيادهم، رغبة منهم فى تمكين حكمهم، لكن المصريين أجهضوا ذلك المخطط، وأطاحوا بهم، وبعد تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى الحكم، أضاءت شموس التنمية على كل شبر فى سيناء، حيث قال خلال الندوة التثقيفية “العبور إلى المستقبل” التى نظمتها القوات المسلحة بمناسبة احتفالات الذكرى 48 لنصر أكتوبر المجيد كلمة عبر بها عن شكره لأهالى أرض الفيروز: «إذا كنا قد تأخرنا كثيرا قرابة الـ30 سنة أو أكثر فى تنمية سيناء وسوف نتجاوز هذا بفضل الله ثم بفضل تضافر جهود الدولة المصرية قيادة وشعبا وقوات مسلحة وأجهزة الدولة المختلفة، وكأن سيناء كان يتم تعميرها منذ 30 سنة».
«عبقرية المكان» توافقت مع «عبقرية السيسى»، فالرئيس يدرك جيدًا أهمية تلك الأرض، لذلك وجه كل أجهزة الدولة لإقامة بنية تحتية عملاقة تمهيدًا لإقامة عشرات المشروعات الكبرى التى توفر «حياة كريمة» لأهل سيناء، أنفقت الدولة نحو 700 مليار جنيه، لتطوير سيناء.
وفى النهاية.. تظل سيناء قلب مصر، ومصر لم ولن تفرط فى شبر واحد منها، فدماء أبنائها كانت وما زالت تراق دفاعا عنها وعن الوطن، وهى من أسست النهضة التى تشهدها أرض السلام فى هذه المرحلة.. والقادم أفضل بإذن الله.