الثلاثاء 30 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
التخلف العقلى الرقمى

التخلف العقلى الرقمى

كنا كثيرًا ما نستمع إلى تحذير من الأهل لعدم الجلوس طويلًا أمام شاشات التلفاز متهمين ذلك الفعل بأنه سيصيبنا بالتخلف العقلى، وفى الحقيقة لم أجد أحدًا قد أخذ هذا التحذير على أى محمل من محامل الجد.



حتى التخلف العقلى كأعاقة لم نكن نعرف معناها بصورة دقيقة، ربما كنا نكتفى بأن نستحضر صورة «الغباء» ونضعها كتمثيل لفكرة التخلف العقلى وهو وضع غير دقيق على الإطلاق، فالتخلف العقلى مصطلح تم التوقف عن استخدامه منذ سنوات عديدة وتم استبداله بمصطلح «الإعاقة الذهنية» والتى تسمى أحيانا «الاضطراب العقلى النمائى» وهى تشمل ضعف قدرات التعلم العام بدرجات ضعف مختلفة وصولا إلى العجز التام وهى إعاقة لها أسباب متعددة منها ما هو وراثى أو عضوى.

والحقيقة أن عصر شبكات التواصل الاجتماعى قد جعل عقول المستخدمين مثل الأوعية الكبيرة الفارغة، كثرة المعلومات والأخبار والمواد المقروءة والمسموعة والمصورة وكثرة الأصدقاء والاشخاص الذين يتم التواصل معهم يوميا مقارنة بكم المعلومات وعدد الأشخاص والأحداث التى كنا نتعرض لها قبل انتشار تلك الشبكات، لا أعتقد أن المقارنة ستكون فى صالح هذا العصر بالرغم من هذا الكم وهذا التنوع، ربما ما نتعرض له فى يوم كنا نتعرض له فى أسبوع أو شهر، ولذلك فإن التحذير السابق والمرتبط بتأثير التلفاز على القدرة على التعلم والتفاعل الاجتماعى قد تضاعف كثيرًا هذه الأيام.

وبغض النظر عن أسلوب استخدام تلك الأداة إلا أن النتيجة النهائية يجب أن تقاس من خلال ما تتركه فى المرء من ثقافة وما يقوم به من فعل حقيقى لتغيير حاضره وبناء مستقبل أفضل، فالعالم البرت اينشتاين يقول فى تعريفه للثقافة إنها هى ما يبقى بعد أن تنسى كل ما تعلمته فى المدرسة، لذا دعونا نقوم بتجربة بسيطة يتم من خلالها سحب الهاتف المحمول من مجموعة من المستخدمين وقياس حجم ما لديهم من ثقافة ومعلومات سليمة مقارنة بآخرين يتصلون بشبكة الانترنت ثم ننتقل إلى مرحلة أخرى مرتبطة بتحليل تلك المعارف وصولًا إلى الحكمة التى يبدو أنها قد أصبحت هى رابع مستحيلات هذا العصر بعد الغول والعنقاء والخل الوفى.