الأربعاء 3 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مشايخ الفتنة

مشايخ الفتنة

الأصل فى الزواج هو الاستقرار والاستدامة.. تكوين بيت وإنجاب أبناء..المشاركة فى رعايتهم وتربيتهم.. الشعور بالسعادة ونحن نجدهم يكبرون أمام أعيننا كل يوم.. كم هو حلم جميل يستيقظ البعض منه على كابوس الظروف الاقتصادية الصعبة والمسئوليات المتعددة والمهام التى لا حصر لها، والتى قد تجبر الزوج فى كثير من الأحيان إلى البحث عن فرصة عمل ربما فى بلد أخر براتب مغري، تجعله يضحى طواعية لأن يعيش مع أسرته فى المكان نفسه، ويُحرم من متعة رؤية أبنائه وهم يكبرون أمام عينيه، كما تضحى الزوجة أيضاً طواعية بألا ترى زوجها يومياً وألا تأنث بقربه، فلا تجد من تتناقش معه فى الأسلوب الأمثل لتربية الأبناء، ولا فى وجبة الغداء التى ستعدها فى اليوم التالي، ولا فى مشكلة عويصة لا تعرف ماذا تفعل بها، فتجد نفسها فى مرمى نار كل المسئوليات، وماسورة الطلبات التى تنفجر فى وجهها يومياً، وأكوام لا حصر لها من المهام، التى تجد نفسها مجبرة على أن تؤديها كلها على أكمل وجه، رعاية وعناية ومدرسة ومذاكرة ودروس وتمرين وذهاب للدكتور وذهاب للأقارب وهلم جرا.



مع مرور الوقت تجد الزوجة نفسها هى الأم والأب معاً تتضاعف المسئوليات على كاهلها، تنتظر الأجازة السنوية الوحيدة  لزوجها لكى يعود إليهم محملاً بالهدايا والألعاب الجميلة، فتسعد ويسعد الأبناء برؤيته، ولكن يا فرحة ما تمت، فالأيام تمر سريعاً مثل الحصان الرهوان، ويحين وقت السفر مجدداً دون أن تشبع الزوجة من زوجها فيحاصرها الحنين، ومع كثرة سنوات الغربة والحنين تبدأ فى التعود والاعتياد فيصبح الرجل مجرد بنك أو مكنة AtM لأسرته، وتتحول العلاقة بينهم من إنسانية إلى عملية بحتة يحكمها بتكسب كام وهتدينى كام!

أسر كثيرة للأسف تعيش بين مطرقة السفر وسندان الظروف الصعبة، فلا يكون نافعاً أن يعود الرجل لبلده ويبحث عن فرصة عمل تجعله قادراً على الوفاء باحتياجات أسرته فى سبيل أن يكون معهم وبجوارهم، ولا يكون شافعاً أنه فى الغربة كسيب يضمن لهم مستوى اقتصادى مقبول ويليق بهم، وفى ظل هذه الحيرة والربكة وحسبة برما تجد مشايخ يتحدثون باسم الدين، وبدلاً من أن يصدرون فتاوى ويطلقون دعوات تهدف إلى لم شمل الأسرة التى شهدت الكثير من التفكك فى السنوات الأخيرة بسبب ارتفاع معدلات الطلاق بصورة مفزعة ومرعبة، يدعون إلى ألا تمانع المرأة من أن يتزوج رجلها فى الغربة حتى يعف نفسه فتزيد الفتنة والبلبلة ويزداد التفكك الأسرى ويضيع المجتمع، وهل تقبل الزوجة بعد كل هذه الأدوار البطولية التى تقوم بها بمفردها أن يكون لها ضرة!

وأين حق الزوجة التى تحرم من زوجها وأنيسها وشريكها، ألم تدفع الثمن هى الأخرى من صحتها ونفسيتها وشبابها ووقتها لكى تربى أبناءها لتخرج للمجتمع جيل واع، ألم تحرم من المتع هى الأخرى، فما هو السبيل لكى تعف نفسها إذاً فهل تطلب الطلاق لكى تتزوج هى الأخرى وتعف نفسها ويذهب الأبناء للجحيم؟!

لا نريد مشايخ يثيرون الفتنة يتحدثون باسم الدين، فالكلمة مثل الرصاصة، إذا خرجت فربما جرحت أو قتلت أو أصمت أو أدمت، ويجب أن تمر الفتوى بالعديد من المراحل حتى ترى النور ويمكن أن تشكل لجنة لفلترة فتوى تخرج من أى رجل دين كان، حتى إن كان أزهرياً، فالمجتمع لم يعد يحتمل أى فتنة.. أرحمونا يرحمكم الله.