الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا
الشير وسنينه

الشير وسنينه

تابعنا بشغف لا يخلو من الترقب واقعة عروس كفر الدوار.. سمعناها بتأنٍ وهى تملى شروطها على زوجها قبل أن توقع على عقد القران.. تابعنا لغة جسدها وتعبيرات وجهها، وبين عشية وضحاها تحولنا إلى خبراء ومحللين ووعاظ.. أدخلنا أنفسنا فى الموضوع طواعية.. أطلقنا الأحكام وتهكمنا على أسلوبها وطريقتها فى الكلام.. تداولنا كلمتها “أعظم انتصاراتى” على السوشيال ميديا بداعٍ وبدون.. وبقدرة قادر تحولت هذه العروس إلى ترند على مواقع التواصل الاجتماعى بسبب ضغطة واحدة على زر “نشر” لفيديو لا تتجاوز مدته 31 ثانية، ليحصد تفاعلًا واسعًا، إذ تخطى المليون مشاهدة، إضافة إلى كم هائل من التعليق والريأكت، حقًا يا له من إنجاز عظيم ليس بمقدور أصحاب الإنجازات أن يبلغوه!!!



لم تمر أيام حتى صدمنا بقيام الفنانة ياسمين عبدالعزيز بإلغاء متابعة زوجها الفنان أحمد العوضى، لتحاصرهم شائعات الانفصال وما بين تعبير المتابعين عن حزنهم وأسفهم، وتكثيف الدعاء لهم بأن تنصلح الأمور لأنهم ثنائى جميل يتمنون أن تستمر علاقتهما وتدوم، وضح تأثير هذه الشائعة على حسابات ياسمين عبدالعزيز وأحمد العوضى فى إنستجرام، إذ زاد عدد متابعى ياسمين إلى 17 ألفًا، كما حدثت قفزة كبيرة فى عدد متابعي أحمد العوضى على التطبيق نفسه.

الواقعتان مختلفتان بالطبع، أبطالها على النقيض تمامًا، سواء فى الثقافة أو الوظيفة أو الطبقة الاجتماعية، لكن هناك خيطًا رفيعًا يجمعهما ورابطًا قويًا بينهما، وهو عدم القدرة على مقاومة الإصبع لجاذبية الشير والضغط على زر النشر، والاستسهال فى نقل تفاصيل الحياة الخاصة وما يشوبها من خلافات أو مشاكل أو اتفاقات على السوشيال ميديا، إذا فماذا أبقى هؤلاء من خصوصية لحياتهم التى يفترض أن يكون جانب منها مغلقًا بباب ونوافذ حتى لا يدخلها من يفسدها ويعبث فيها، لم تكن السوشيال ميديا أبدًا لنشر خصوصيات حياة مرتاديها لكنها لمشاركة الأفكار وحسب.

لا شك أن لكل إنسان جانبًا من حياته ووقته ويومياته يحب أن يتشاركها مع أصدقائه وأقرب الناس إليه من الذين يشعر بالراحة والاطمئنان إليهم، سواء كانت تتعلق بلحظات الفرح والنجاح أو الحزن والفشل وغيرها وهذا أمر طبيعى لأن الإنسان بطبعه اجتماعى ويحب أن يظهر تلك المشاعر للغير، لكن ماذا يستفيد مستخدمو مواقع التواصل من فتح مباشر لنقل تفاصيل شخصية لا تعنى أى أحد؟ 

نشر تفاصيل حياتنا اليومية هو إلهاء للغير وقد يدخل فى بعض الأحيان فى إطار التباهى غير المرغوب فيه، بل قد يكون مؤذيًا للبعض ومدعاة للحسد والغيرة، ولابد أن ندرك أن مواقع التواصل الاجتماعى وجدت لمشاركة الخبرات والأفكار ولحظات من حياتنا التى نحب أن نتقاسمها مع الغير، نرجو منها أن تكون مصدر فائدة للجميع، لكن أن يتم نشر تفاصيل عن حياة الإنسان، هذا أمر لا نفع فيه، بل لا شك من أنه سيعود بالضرر على صاحبه.

ولأن السوشيال ميديا أصبحت جزءًا من الحياة اليومية والروتينية والاجتماعية لذا أتمنى أن تصبح مادة تدرس للطلاب فى المدارس، بطريقة علمية حتى يفهوا أهميتها وكيفية استخدامها ويستطيعوا أن يعرفوا إيجابياتها وسلبياتها، وبكل تأكيد الأطفال لا يستطيعون تقدير قيمة الوقت الذى يضيع على هذه المواقع، ولهذا يجب التوعية بكيفية الاستخدام الصحيح حتى لا تهدر أوقاتهم بشكل غير مفيد، وفى نفس الوقت لا نستطيع أن ننكر أنها سهلت الحياة وقربت المسافات والمعلومات.