الإثنين 29 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
حكمة النمل

حكمة النمل

عند ذكر النمل فإنه يتبادر إلى الذهن قيم متعددة يأتى على رأسها التعاون والتخطيط، وهوما نلاحظه دومًا عندما نمعن النظر فى فريق من النمل يتحرك بهمة ونشاط وجدية. ليس هذا فقط هوما يتسم به النمل وربما نجد أكبر تكريم للنمل فى القرآن الكريم حيث نجد سورة باسم سورة النمل وهى سورة مكية عدد آياتها 93 وسميت كذلك لاحتوائها على قصة النمل مع سيدنا سليمان وجنوده فى الآية السابعة عشرة والآية الثامنة عشرة من السورة، بسم الله الرحمن الرحيم «حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِى أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِى أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِى بِرَحْمَتِكَ فِى عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19)».



النملة التى سمع قولها نبى الله سليمان كانت أنثى ويرجح أن تكون الملكة أوإحدى كبار الشغالات ولكن يرجح أنها الملكة فسياق الآيات يدور بين سليمان وملكة سبأ وهوما يرجح ذلك بالرغم من أن هذا  لا ينفى أن تكون إحدى الشغالات المشرفات على العمل هى من قامت بهذا التحذير لباقى النمل الشغالات، أما الذكور فى مملكة النمل فدورهم ينحصر فى تلقيح الملكة وأيضا فى حماية المملكة من خلال تشكيلات من الجنود مخصصة لهذا الأمر وعليه فإن أعمال التخطيط والتنظيم والتعاون وإدارة العمل داخل المملكة فإنها موكولة بالكامل للملكة والشغالات (العاملات).

والنمل بصفة عامة ضعيف النظر ويستخدم قرون استشعار عوضًا عن هذا الضعف وهى ما قد  تكون قد استخدمتها الملكة واستشعرت من خلالها بوجود ذبذبات فى الأرض تنبئ بقدوم الجيش.

أما الحديث عن النمل فإن شبكة الإنترنت تزخر بالمعلومات ومقاطع الفيديو التى تظهر هذا الإعجاز الربانى الذى يصل إلى حوالى 9 آلاف نوع من النمل وكيف تقوم بتقسيم العمل داخل المستعمرة فيكون لكل مجموعة مهام محددة وكيف أن للنملة معدتين إحداهما للطعام والأخرى لحفظ الطعام للتشارك مع باقى المجموعة وأيضا تشريح الأعين المركبة وقرون الاستشعار وقدرة النملة على حمل أثقال تفوق وزنها 20 إلى 50 مرة وغيرها الكثير من الخصائص المبهرة.  مازلت أتذكر أحد برامج الأطفال قبل أكثر من 40 عامًا قام بعرض استعراض أوتمثيلية لأطفال يرتدون زى أنواع من الحشرات كان من بينها النمل وكيف أن أحد الأشخاص قد أعطاهم كمية كبيرة من الطعام والحلوى وهوما جعلهم يقومون باستهلاكه ببذخ وبدون تقدير للعواقب ماعدا النمل الذى استمر فى تناول كميات محدودة واستمر فى العمل بلا كلل وبلا تراخٍ اعتمادا على وجود الطعام مثلما فعلت باقى الحشرات، ثم يأتى مشهد النهاية بعد استهلاك الحشرات للطعام ثم تعالت الأصوات مطالبة الرجل بالمزيد من الطعام ولكن لم يأتهم أى رد على ما يبدو فإن الرجل قد حبسهم ثم غادر المكان، أتذكر كيف قام النمل بإخراج كمية من الطعام المدخر ومن الطعام المهدور بواسطة باقى الحشرات فى أوقات الرخاء وقام بمشاركته معهم ضاربا المثل والحكمة فى كيفية الادخار والتخطيط للمستقبل، رسالة لم ولن أستطيع أن أنساها مهما مرت الأعوام وتبدلت الأحوال.