الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا
التخلف والتقدم!

التخلف والتقدم!

هل يمكن أو يجوز أن يوصف مجتمع بأنه متخلف أو شعب بهذ الوصف ، الحقيقة أن هذا الوصف تعبير قد يجده البعض قاسيًا لوصف حال أى مجتمع، فى حين لا يتردد آخرون باستخدامه للتعبير عن استيائهم من مواقف يومية يتعرضون لها.  والملفت للنظر  تزايد أعداد مستخدمى الموقع الذين وصفوا أشخاصًا بالمتخلفين وتصرفات بالمتخلفة لمجرد أنها مختلفة عنهم فكريًا. فيما انتقد آخرون استخدام تلك العبارات لأنها غير منصفة وتعمم صفة التخلف السلبية على شعب بأكمله.



لا يوجد تعريف متفق عليه للتخلف. فعلى سبيل المثال، يعرّف قاموس المعانى الأمة المتخلفة بأنها تلك التى تجاوزتها الأمم الأخرى فى مضمار الحضارة. وفى سياقات أخرى هى عقلية رجعية يبحث فيها الإنسان المُستغل عن الانتماء إلى قبائل أو مجموعات دينية متطرفة. 

يقول الدكتور مصطفى حجازى، أستاذ علم النفس فى الجامعة اللبنانية سابقًا: إن مصطلح التخلف ظهر بعد الحرب العالمية الثانية، ونيل بلدان مستعمرة استقلالها. 

فى البداية كان لهذا المصطلح بعد وحيد وهو الاقتصاد. وبعدما فشلت دول العالم الثالث فى تنمية نفسها عن طريق تطبيق الممارسات الاقتصادية القديمة، كان لا بد من البحث عن طرق أخرى. وهنا دخل البعد الاجتماعى على التخلف ودرس فيه الباحثون تأثير البنية الاجتماعية الجديدة على عملية التنمية. ثم خرجوا عن الإطار الداخلى للمجتمع مضيفين بذلك البعد السياسى الدولى، وتوصلوا إلى أن قضية التخلف “قضية استغلال فئة قليلة لفئة كبيرة من السكان فى الحالتين، ومبينًا بجلاء أن التخلف هو فى النهاية ثمرة الاستغلال والاستعباد”. وعندما درس حجازى انعكاسات ذلك على نفسية الإنسان، وجد “أن سيكولوجيا التخلف  هى فى جوهرها سيكولوجيا الإنسان المستغل المقهور”، ليترأس القهر بذلك عرش الأمراض التى تسبب التخلف.

والحقيقة أن أهم أسباب التخلف فى مجتمعاتنا هو الخوف من الخروج عن العادات والتقاليد والموروثات أو بمعنى آخر الخوف من الخروج عن الأصول الفقهية تحت مبدأ هل سبقك فى هذا أحد، فإن لم يكن هناك من سبقك فيما قلت أو فعلت فأنت قد خرجت عن المألوف والمعتاد، فالأعراف والتقاليد تحكم الأمر أكثر من الابتكار والتجديد أو التطوير.

 التخلف من وجهة نظرى يبدأ من الاستسهال وعدم التدقيق والتسرع فى الإدارة أو الإنتاج والبحث عن أسهل طرق الكسب والخوف من مواجهة المجتمع بفكرة جديدة قد لا يحلها الحظ ويثبت خطؤها فيما بعد مما يجعل المجدد أو المبتكر يخشى من اللوم ويتوقف عن تقديم أفكاره، وفى الغرب المتقدم صبر المجتمع كثيرًا على المجددين والمبتكرين حتى اخترعوا الطائرة والغواصة.