الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الإمبريالية النفسية

الإمبريالية النفسية

لا أجد أفضل من تعبير الدكتور عبدالوهاب المسيرى «الإمبريالية النفسية» لوصف ما تفعله شبكات التواصل الاجتماعى بالأفراد والشعوب، وبالرغم من وفاة الدكتور عبدالوهاب فى 2008 أى بعد أربع سنوات فقط من انطلاق شبكات التواصل الاجتماعى، وبالرغم من أن هذا التعبير كان مقصودًا به على وجه التحديد أهيمنة النموذج الاستهلاكى الأمريكى على العالم كله إلا أن كل ما سبق من نجاحات لتلك الهيمنة لا يمكن مقارنتها بما أحدثته شبكات التواصل الاجتماعى فى أعوام بزوغها ونشاطها الحاد.



وبالرغم من أن هذا الأمر ليس بجديد وقد تناولته وتناوله الكثير من المتخصصين فى دراساتهم و لقاءاتهم وأبحاثهم، إلا أننى أجده موضوعًا فى غاية الخطورة والأهمية ولا يجب التوقف عن التنبيه إلى خطورته لعل إبقاء جذوة الأمر مشتعلة يصل بنا يومًا ما إلى وضع استراتيجية للمواجهة ليس غرضها فقط إظهار قبح وخطورة هذا التوجه بل يجب أن تتخطى ذلك إلى إعلام الأجيال الجديدة ومن نسى من الأجيال القديمة كيف أن منظومة القيم والعادات والتقاليد وتعاليم الأديان الشرقية هو جواهر حقيقية يجب التمسك بها والإصرار على تطبيقها بدلًا من حالة التجاهل والتحقير لها والتمجيد والانبهار بكل ما هو مختلف ولا أقول غربيًا لأن الأمر قد تعدى الحدود الجغرافية والثقافات الغربية إلى محاولة فرض أنماط غير إيجابية تعجل بخراب المجتمعات جميعها فى أسلوب مشابه لما قد يتبناه البعض من نظرية مؤامرة حول فيروس كورونا وقضية تخليقه فى المعامل كنوع من أنواع الحروب البيولوجية الموجهة ولكن نتيجة لترابط العالم وتشابك اتصالاته وعلاقاته فإن الوباء قد انتشر فى كل مكان وضرب أيضًا من قاموا بتصنيعه وتوجيهه.

الأمر المختلف هذه المرة هو من نلوم ومن أين نبدأ، فعادة ما يتم إلقاء اللوم على السياسيين يليهم رجال الاقتصاد وذلك على ما حدث من تغييرات اجتماعية نتيجة ممارساتهم بغض النظر عن سلامة النوايا وطيب المقاصد، إلا أن الأمر فى حالة شبكة الإنترنت وبالتحديد شبكات التواصل الاجتماعى قد يكون مختلفًا، فالبداية أتت من الجانب الاجتماعى، جانب التواصل وتبادل الخبرات والثقافات والتسلية أيضًا ثم انتقل الأمر إلى الجانب الاقتصادى الذى وجد أن هذه التكتلات الاجتماعية الجديدة قد تكون مناسبة جيدة لرواج اقتصادى جديد ثم فى نهاية المطاف دخلت السياسة وأنظمة المخابرات على الخط وتنبهت إلى خطورة تلك الشبكات ومدى فاعليتها فى إحداث استقطاب أو حشد سياسى فى اتجاه أو آخر، أعرف أن البعض يتبنى النظرية العكسية بأن السياسة بدأت الأمر على استحياء ومن خلف الستار وتركت العنان للاقتصاد ثم التغييرات الاجتماعية فى السلوكيات والأفكار ثم تم استغلال كل ذلك لتحقيق أغراض سياسية وبغض النظر عن أى من المدرستين إلا أن خطوات المكافحة الملموسة لا تزال غير كافية فالشق الاجتماعى لابد من أن يكون أكثر وضوحًا وفاعلية ويجب عليه أن يتخلص من أساليب الماضى التى كانت تعتمد على تحليل الظواهر بصورة كبيرة مع وضع القليل من الجهد العملى لتغييرها وهو ما يجب تغييره إلى العكس تمامًا.