الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا
الفيـل محمـود

الفيـل محمـود

فى الصباح وجدت خبرًا يقفز من خلال شاشة الهاتف المحمول يقول إن فيل أبرهة كان يدعى محمود وأنه قد أصيب بالعمى والحقيقة أنه لولا أننى أعرف هذه المعلومة من قبل لشككت فيها كثيرًا، فكيف يدعى الفيل بهذا الاسم وهو الاسم الذى أعتقد أنه مشتق من اسم محمد وأن اسم محمد يختلف على نشأته ولكن أغلب المحدثين يقولون إنه بدأ مع سيد الخلق عليه الصلاة والسلام، وبغض النظر عن هذا الاسترسال فى أصل الأسماء فإننى قد أمعنت النظر فى إعداد علامات الإعجاب والتعليقات على هذا المنشور وخاصة أنه يأتى من صفحة بها نحو 20 مليون متابع، حيث وجدت أن أغلب علامات التفاعل كانت ضاحكة وكذا أيضًا أغلب التعليقات كانت كذلك حيث تراوحت بين غير مصدق ومشكك وغالبية من المشاركين الذين جنحوا بالخبر إلى منطقة «القلش» البغيضة، وهنا أقول بغيضة لأنه وبالرغم من أن الخبر جاء فى سياق قصة دينية إلا أنه مازال خبرًا تافهًا ومعلومة تندرج تحت مقولة «علم لا ينفع وجهل لا يضر».



أمر مشابة وجدل تافه لا يفيد نجده قد أثير من قبل حول اسم كلب أهل الكهف وصل بالبعض إلى الإفادة عن أن اسم الكلب هو «باسط» على اعتبار أن جزءًا من الآية القرآنية رقم 18 من سورة الكهف تقول «وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ» وهو استنتاج فاسد لا يخفى سوء تقدير قائله.

وفى الحقيقة وكما تعلمنا فإن الأسماء لا تهم، المهم هو الحكمة والموعظة المحققة من القصة بغض النظر عن الأسماء أو الأماكن أو الأزمنة وهو ما أرى أننا نتراجع عن التمسك به فى مقابل الاهتمام بتوافه الأمور سواء بجدية أو على سبيل الهزل.

ولكى لا أكون متجنيًا أو باحثًا عن أى موضوع للكتابة مستغلًا موضوع «الفيل محمود» فإن الأمر على تفاهته ليس حالة فردية بل ظاهرة أراها فى الكثير من الصفحات الإلكترونية للمواقع الإخبارية فعلى سبيل المثال نجد خبرًا يتحدث عن شرب نجمة سينمائية للمياه أثناء تدريبات رياضية، أو أن كلبًا قد عقر نجمة أخرى، أو أن شابًا قد توفى فى حادث سيارة، والقائمة كبيرة وطويلة ومتتالية فتلك المواقع تقوم ببث عشرات من تلك الأخبار التافهة فى الدقيقة الواحدة مما يجعل مصداقية تلك المواقع وجديتها على المحك، فليست الصحافة الصفراء هى تلك التى تنشر أخبارًا كاذبة أو فاضحة فقط بل يمكن أيضًا أن نضيف إليها تلك الصحافة الرقمية التى تمطرنا بالأخبار الحقيقية التافهة وهو ما يجعل الأخبار والمعلومات المهمة تذوب وسط هذا المحيط الكبير من التوافه المتدفقة بلا نهاية على ما يبدو.