العملات المشفرة وانفجار الفقاعة
يتذكر خبراء الاقتصاد وتكنولوجيا المعلومات تعبير «فقاعة الدوت كوم» وهوالتعبير الذى انتشر فى بداية الألفية الثالثة وذلك بعد خمس سنوات تقريبًا من انتشار شركات الانترنت (الدوت كوم) (.com) وهى التى ارتفع تقييمها السوقى وسعر الأسهم بها إلى أكثر من خمسة أضعاف قيمتها ففى فترة صغيرة نتيجة الدعايا والتسويق وشعور المستثمرين بوجود فرصة كبيرة فى الاستثمار من خلال تلك الشركات الجديدة التى تقتحم عالم الاقتصاد من خلال طرق غير تقليدية فى ذلك الوقت.
بالطبع حدث أخطاء متعددة من القائمين على تلك الشركات- إن افترضنا حسن النية- منها الإغراق فى التسويق والدعاية لتلك الشركات من أجل استمرار رفع قيمتها السوقية وجذب المزيد من المستثمرين والمضاربين بغض النظر عن حسابات المكسب والخسارة التقليدية وهو ما جعل البعض ينفق ما يقرب من 90% من الأموال فى الدعاية دون النظر إلى أى اعتبارات أخرى، بالطبع فإن أى فقاعة تتضخم بهذه الصورة السريعة والمضطردة لابد لها من نهاية -انفجار - حيث يفقد الكثير من المستثمرين أموالهم وتتراكم الديون على عدد كبير من تلك الشركات ولا ينجو بعد هدوء تداعيات تلك الفقاعة إلا أقل القليل من الشركات التى انتهجت نهجًا موضوعيًا منطقيًا وحالفها الحظ على البقاء وسط وأثناء تمدد الفقاعة المنفجرة.
حاليا نجد أن امرًا مشابهًا يحدث - ليس فى شركات الدوت كوم- ولكن فى التعامل مع العملات المشفرة Cryptocurrencies والتى وصل عددها حاليا إلى ما يقرب من 19 ألف عملة رقمية مشفرة وهو رقم مهول جدًا لايمكن أن تستقيم معه الأمور كما لا يمكن أن يكتب لكل هذا العدد المهول من العملات البقاء مهما زاد عدد المستخدمين ومهما كبر حجم الاقتصاد الرقمى وتشعب.
والآن وبعد 13 عامًا من صدورعملة البتكوين Bitcoin المشفرة فى 2009 وارتفاع سعرها بصورة جنونية هى وعدد آخر من العملات الأخرى المشهورة مثل الايثيريم Ethereum إلا أن هذا العام شهد انخفاضًا فى قيمة كل العملات المشفرة بما يوازى 55% من إجمالى قيمتها ويأتى على رأس العملات الخاسرة عملة البتكوين - وهى الأشهر- حيث انخفضت قيمتها من 67 ألف دولار فى نوفمبر 2021 إلى 26.5 الف دولار فى 13 يونيو2022، تأتى التوقعات ببساطة بالإضافة إلى زيادة الخسائر وتبخر مليارات الدولارات إلى أن يختفى عدد كبير من تلك العملات المشفرة فالعالم ليس فى حاجة إلى 19 ألف عملة مشفرة كما سبق القول كما أن سعر العملات الأشهر المرشحة للبقاء لايجب أن يعتمد على السمعة والتوقعات والمضاربات الجنونية مثلما يجب أن يعتمد على الاستخدام الحقيقى الذى يعكس قيمة تلك العملات.
