أرجوحة الحياة بين الانتصار.. والانكسار
يامن تتصفح الآن كلماتى: لاتنتظر أن أتحدث إليك عما حدث منذ سويعات أو أيام عن إخفاق فريق كرة القدم المصرى فى مباراة هُنا أو هناك؛ ولكن هذا الحدث ــ وهو حدثٌ جللٌ بالفعل ــ أوحى إلى خواطرى بأمور عِدَّة تمُس صميم نبض حياتنا على ظهر المعمورة؛ فمذ خلق الله «آدم» على تراب هذا الكون.. ومن ترابه ! ونحن جميعًا كمن يركب أرجوحة ــ فيما عرفناها فيما بعد ــ من أراجيح مولد السيد البدوى «شيء لله يا.. سيِّد» ساكن «طنطدا» فى دلتا مصرنا المحروسة. تارة فى أقصى حدود المتعة الحسِّية والمادية؛ وتارة بين فكَّى المأمول والمُمكن من الامكانات المُتاحة؛ وما يحدث فى هذا الصراع الأبدى بين بعض النجاحات بالتخطيط العلمى المدروس؛ أو بمحض الصدفة ــ كما يحدث فى «شوطة عشوائية» نشاهدها فى ملاعب كرة القدم ــ ؛ وبين التمزق والخيبة وعذابات الفقد ممن ـ كُنَّا ـ نستظل بأغصانهم الوارفة من هجير شمس صحراء الحياة القاسية المستبدة؛ ولكنها خُطًّى كُتبت علينا.. ومن كُتبت عليه خُطَّى.. مَشَاهَا!
إذن فنحن نعلم ــ مسبقًا ــ أن وجْهيْ «عملة الحياة» هما : الانتصار والانكسار؛ ولكننا لانعلم لأى منهما ستكون الغَلَبَة خلال الرحلة، فالبعض يقوم بمحاولة التخطيط لرسم وكتابة سطور «سيناريو» لأيام سنوات العُمر؛ هذه السنوات التى نعرف متى بدأت ــ ونعرف تمامًا أنها حتمًا ستنتهى ولكننا لانعرف متى وكيف وأين ستنتهى!
ولعل الخالق ــ سبحانه وتعالى جلَّ شأنه ــ له الحكمة فى أن تكون الحياة مزيجا من العذوبة والعذاب لنعرف قيمة الأشياء الجميله لنستمتع بها ونسعد بعبق أريجها الفوَّاح؛ والحكمة ايضًا فى صُنع هذا التباين والاختلاف فى طبائع البشر ونظرتهم ونظريتهم فى طريقة قراءة سطور كتاب حياتهم. فالبعض يترك الأمور تسير على عواهنها بلا تخطيط أو رسم «سيناريو» محدد بعينه ؛ ويترك سفينته وسط أمواج بحر الحياة «على حسب الريح ماتودِّي» ؛ والبعض يخطط لأن يكون ذا نفوذٍ وجاهٍ ومالٍ وسلطان؛ وديدنه الإيمان بالطريقة «الميكافيللية» الشهيرة فيمن يريد السيطرة والتسلق على الأكتاف؛ بل يؤمن إيمانًا قاطعًا بمقولة «إذا كنت ذاهبًا للصيد.. فلا تنس أن تصطحب معك الكلاب»! ويلجأ إلى مبدأ الحيطة والحذر بإحاطة نفسه بأراذل البشر من الخارجين على الأعراف والتقاليد والقوانين كى يضمن تأمين مسيرته فى دنيا المال والأعمال والنفوذ والسلطان؛ والناس فيما يعشقون مذاهبُ !
والبديهى أن حكايات النجاح والانتصار؛ لابد أن يكون وراءها دومًا عزيمة وإصرار وصبر على أداء العمل المستهدف وتحقيق الإنتاجية المطلوبة؛ ولابد من العمل الدءوب لتحقيق التفكيرالإيجابى لإمكانية طرح الحلول اللازمة لحل المشكلات المحتملة كافة؛ والابتعاد ـ قدرالإمكان ـ عن التفكير السلبى الذى يعمل على حدوث عكس التوقعات.. والمُضحك أن التفكير السلبى يعمل دومًا على خلق «مشكلة لكل حل» ؛ ولكن اعتقادى سيظل راسخًا فيما يجب أن يفعله من يستمتعون بهواء الدنيا؛ فى أنه يجب عليهم الاستمتاع بكل تفاصيل الرحلة حينما يكونون على متن سفينة الحياة؛ تلك السفينة التى تمخر بهم عباب أيام وسنوات العُمر.
إن الفشل فى تحقيق بعض الطموحات أو الأحلام الشخصية أو المجتمعية المشروعة؛ أو ضياع أمل تحقيق انتصار فى مباراة لفريقك المفضل؛ ليست هى نهاية العالم؛ ويجب أن نحاول العمل الدائم على المحافظة على جذوة الأمل فى اعماقنا متوهجة ! ونؤمن بأننا إذا فشلنا اليوم فإننا ـ بالتأكيد ـ سننجح غدًا بالإرادة والقوة والعزيمة وبإذن من الله وفضله؛ ولا يجب أن يتسرب اليأس من خلال ماتفعله تشققات وشروخ فى جدران الروح؛ ويقول بعض الحكماء : إنه عادة ما يكون آخر مفتاح فى مجموعة المفاتيح هو المناسب لفتح الباب.
وجميل أن نحتفظ بـ “بذرة الرضا” المغروسة فى جدران الروح؛ فأنتم وأنا نعلم أن “أول الشجرة بذرة”. والأفضل أن نتطلع للأمام بدلاً من النظر إلى الخلف؛ والاحتفاظ فى زوايا ضلوعنا بالإيمان الذى لايتزعزع بأننا سنجنى ثمرة النجاح.. كما نؤمن بشروق الشمس التى ستأتى فى الصباح بعد الليل الطويل؛ وينصح أحد المتفائلين ــ بتصرف ــ بقوله: لا تتلكأ فى مسيرة حياتك لتجمع الورود وتحتفظ بها ـ لأنها ستموت حتمًا بين يديك ـ ولكن سر وستجد الورود على طول الدروب التى ترتادها بكل التفاؤل والأمل.. لتنعم بها وبزخم عبيرها الفوَّاح.
ألم اقل لكم: إننا جميعًا فى أرجوحة الحياة؛ التى تعلو فنضحك ونفرح ونزهو بهذا العلو المؤقت؛ وتنخفض فنستدعى كل عبارات اليأس والتمرد على مسيرتها الظالمة المُجحفة ؛ وننسى ـ أو نتناسى ـ أنها خليطٌ عجيب بين هذا وذاك! وأن اللاعب الذى أحرز هدفًا لفريقك المفضل ـ بمحض الصدفة ـ والتهبت أكفَّنا من التصفيق لنجاحه فى إحراز الهدف؛ هو اللاعب نفسه الذى هتفنا بسقوطه عندما أخفق فى إحراز “هدف “ من كرة كانت فى حوزته!
إنها لُعبة الحياة التى لن تتوقف بكل مفرداتها؛ حتى يرث الله الأرض ومن عليها! فلنتفاءل.. ونبتسم.. ونصيحة صريحة مريحة:
ضع “الكرة” دائمًا فى منتصف الهدف.. و”أنت وبختك”!