الإثنين 29 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
المستخدم أحادى البعد

المستخدم أحادى البعد

تتيح لنا شبكات التواصل الاجتماعى التعرف على أعداد من البشر لم يكن ليتاح لنا التعرف عليهم لولا تلك التقنيات، ففى الماضى وقبل ظهور تلك الشبكات كان مصطلح «الصديق» يحمل معانى مختلفة عن معنى «الشخص المعرفة» أو «الزميل» وفى جميع الأحوال كان العدد محدودًا جدا حتى إن الاحصائيات والدراسات كانت تتحدث عن متوسط لا يتعدى عدة مئات من الأصدقاء والمعارف والزملاء يستطيع الشخص الواحد التعرف عليهم خلال رحلة حياته كلها.



هذا الوضع اختلف كثيرًا مع شبكات التواصل الاجتماعى فعلى سبيل المثال يتيح تطبيق الفيسبوك وجود عدد من الأصدقاء يصل إلى 5 آلاف صديق كحد أقصى مع عدد لا محدود من المتابعين Followers وهم يمكن اعتبارهم أصدقاء إلا قليلا، حيث يكون النقصان فى اعتبارهم مجرد متابعين لما تكتبه وليس العكس أى إنك لا تستطيع أن ترى ما يضعونه من منشورات على صفحاتهم الشخصية مثلما هو متاح مع الأصدقاء.

وفى جميع الأحوال ولأن وصول الأصدقاء إلى حاجز الخمسة آلاف صديق يجعل المستخدم يحتاج إلى مراجعة تلك القائمة بين الحين والآخر وذلك لكى يرى من هؤلاء الأصدقاء وهل يعرفهم بالفعل وكذا أيضا يتعرف على آرائهم وأفكارهم من خلال ما يقومون بنشره وهنا تظهر الأنماط المختلفة لمستخدمى هذا التطبيق وهى كثيرة ومتعددة ومدهشة وباعثة على التأمل والضحك والاعتزاز والاشمئزاز والإعجاب والشفقة والخوف والقلق وغيرها من المشاعر المختلفة بناء على ما يضعه هؤلاء المستخدمون على صفحاتهم.

أحد أكثر النماذج إثارة للملل هو نموذج المستخدم أحادى البعد، أى الذى لا يهتم إلا بموضوع واحد فقط من موضوعات الحياة الكثيرة والمتنوعة، فربما تجد أحدهم لا يتحدث إلا عن كرة القدم وتحديدا مشكلات أحد رؤساء الأندية ومعاركه، بينما نجد مستخدمًا آخر لايهتم الا بالورود فتجد صفحته مكتظة بصور الورود والحدائق المزهرة مقرونة بتعليقات بسيطة وأحيانا بلا أى تعليق على الإطلاق.

لا يمكن فى هذا الصدد أن ننسى أصحاب البوستات الدينية التى قد تكون آية قرآنية أو حديث شريف أو حكمة لسيدنا على بن أبى طالب أو الحسن البصرى وذلك بدون أى تعليقات أو منشورات شخصية أو فى أى موضوع من الموضوعات المهمة الطافية على السطح وأحيانا  بالرجوع إلى أوقات الأحداث الكبرى مثل الثورات التى مرت بها مصر أو الأوبئة العالمية التى عانى منها البشر جميعا  تجد أن تلك الأحداث لا مكان لها بهذه الصفحة على الإطلاق كأنها لم تحدث وتجد أن صور الورود اليومية هى سيدة الموقف أيضا.

نوع آخر من المستخدمين أحادى البعد هو من تكون لديه مشكلة عويصة أو عقدة أو موقف مؤلم مر به ولا يتوقف عن الحديث عن هذا الأمر أو التلقيح على أشخاص آخرين مجهولين، كما توجد أيضا صفحات لا يتحدث أصحابها إلا عن أحداث متخصصة جدًا لا يملون من الخوض فيها مثل “من قتل كينيدى ومن قتل اوزوالد”.