السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مرور الكرام

مرور الكرام

أحيانا كثيرة نستخدم تعبيرات لغوية دون أن نتمعن فى معانيها، ربما نكون قد سألنا عن تلك المعانى فى أول مرة سمعناها واستخدمناها فى سنوات العمر الأولى ونسينا المعانى ولكن استمر استخدامنا لها.



من تلك التعبيرات عبارة “مرور الكرام” التى تقترن لدينا بالسرعة وعدم الاهتمام أوعدم الاشتباك أو التفاعل مع الأمر أو الحدث أو الشخص وهى صفة حقيقية فى الكرام، فعلى العكس من الكرم يأتى البخل أو اللؤم، فالشخص البخيل أو اللئيم لا يمر على الأحداث والأشخاص والولائم مرورا سريعا كالكرام، بل إنه يتوقف ويفكر فى طريقة للتفاعل والاشتراك والاستفادة من الموقف.

من أحد المعانى غير السليمة لاستخدام تعبير «مرور الكرام» عندما تستخدم للإيحاء بعدم الإتقان أو عدم التركيز عندما يكون الأمر مهمًا كأن توصف طريقة استذكار الطالب لإحدى المواد الدراسية بأنه قد مر على المنهج مرور الكرام وهو تعبير يحتوى أيضا على قدر لا بأس به من السخرية.

أما القرآن الكريم فى الآية 72 من سورة الفرقان فى وصف عباد الرحمن يقول المولى عز وجل “وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا” وفى الحقيقة فإن تفسيرات تلك الآية تتفق إلى حد كبير مع معنى عدم الانخراط أو الاهتمام أو التوقف أو المشاركة فى اللغو وتشمل أيضا الإيحاء بسرعة المرور أيضا.

الآية تشير إلى أن اللغو منتشر ومتداخل بصورة لايمكن تجنبه لذا جاء الوصف بالمرور السريع ولكن الجزء الأول من الآية يحمل وصفا مهما ويجب النظر إليه فى إطاره السليم، فالحديث عن أن عباد الرحمن لا يشهدون الزور ليس معناه «شهادة الزور» بمعناها الضيق فقط، أى الشهادة أمام المحكمة أو عندما يطلب منك الحديث عما شاهدت من أحداث قام بها الآخرون، فبالرغم من أن الصدق فى الحديث من الأمور المفروغ منها إلا أن لشهادة الزور معنى أكبر وأعم بساطة تعنى كلمة “شهادة” هنا أى “حضور” وعليه فإن الحضور فى أى مكان أو تجمع يمارس فيه الكذب والافتراء ولا يقتصر المعنى على قول الحق عند الطلب وعليه فإن أى مجلس به كذب  يجب ألا نحضره أو نشهده، سواء أكان هذا المجلس حقيقيا أو افتراضيا من خلال شبكة الإنترنت وبالأخص من خلال شبكات التواصل الاجتماعى التى ينتشر عليها ومن خلالها الكثير من الكذب والبهتان من الأقوال والأخبار والمبادئ والأفكار.