الإثنين 29 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
زيطة صانع العاهات

زيطة صانع العاهات

قبل 75 عامًا من الآن نشر أديب مصر العالمى الأستاذ نجيب محفوظ رائعته «زقاق المدق»، رواية بديعة بالطبع، أتذكر وقت القراءة الأولى لها أن استرعى انتباهى – واشمئزازى أيضا - وجود ووصف ما يقوم به زيطة صانع العاهات الذى تتلخص مهمته فى إحداث عاهة أواكثر لمن يقدم للعمل فى عالم التسول، حيث يتم بتر ساق أو ذراع أو فقأ عين أوغيرها من العاهات التى تساعد المتسول فى تنفيذ مهام عمله والحصول على أكبر قدر ممكن من المال وهوالذى يتناسب طرديًا مع حجم المأساة التى يقدمها إلى جمهور المتعاطفين والمحسنين.



قضية التسول قضية كبيرة تجسدت فى الكثير من الأعمال الأدبية والدرامية ولا مجال هنا للحديث عن أشكال التسول وأماكن انتشاره أو المواسم التى يكثر فيها النشاط، ولا داعى أيضا إلى الحديث عن ثروات أغلب هؤلاء المتسولين ولا عن الشبكات ومنظومات العمل والإدارة ومناطق النفوذ التى يعملون بها ومن خلالها، فمن يتخيل أن التسول سهل أى أنه يكفى أن ترتدى جلبابًا باليًا ثم تبدأ فى التجول فى الشوارع رافعًا عقيرتك ببعض الأدعية أوالشكاوى هو كل ما تحتاجه فالحقيقة أن من يدير تلك المنظومة سيتعرض لك ويمنعك سواء منعا باتا أومنعا مؤقتا حتى تقوم بتسديد «أرضية» مناسبة ليتركك تنعم بالنصب على المحسنين المارين بتلك البقعة من بقاع المدينة.

وللأمانة فإن الأخبار التى نطالعها من وقت لآخر حول القبض على متسول أوحصر ثروة متسول فارق الحياة قد أسهمت كثيرًا فى زيادة الوعى لدى قطاع كبير من المواطنين جعلهم لا يتأثرون كثيرًا بتلك الالاعيب التى قام بها المتسولون لسنوات كثيرة، يتزامن ذلك مع وجود قنوات شرعية رسمة حكومية أو من خلال المجتمع المدنى يمكن لمن يرغب فى فعل الخير التوجه إليهم وإنفاق المبالغ التى قاموا بتخصيصها للتصدق أوللزكاة.

المشكلة الآن هو انتقال زيطة صانع العاهات والمتسولين إلى شبكات التواصل الاجتماعى لممارسة نفس المنهج التآمرى ولكن من خلال العالم الرقمى وأدواته المختلفة والتى تبدأ فى فبركة صور ثابتة أومقاطع فيديو مصورة مع اختلاق وكتابة قصص مأساوية ثم يتم الدفع من خلال المحافظ الالكترونية ووسائل الدفع غير النقدى ثم تأتى رسالة نهائية للمتصدق تخبره بأن «هنيالك يا فاعل الخير والثواب».