الإثنين 29 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الإنترنت... الصورة الكلية

الإنترنت... الصورة الكلية

مع تصاعد الحديث فى الآونة الأخيرة عن المطالبات بتحويل نظام الاشتراك فى الإنترنت بمصر من نظام الباقات المحددة إلى إنترنت غير محدود وهو ما يتكرر تقريبًا كل عام حيث تكثر المقارنات بدول العالم المختلفة مع الكثير من المبالغات حول سوء مستوى الخدمة وارتفاع الأسعار والاحتكار، أجد أنه  قد يكون من المناسب تناول الأمر من مختلف جوانبه كما يلى:



أولًا: الجانب الفنى

يتحدث البعض عن سوء مستوى الخدمة المقدمة من حيث السرعة والاستمرارية وضعف الشبكات المحلية وهى أمور ليست حقيقية تمامًا, فخلال السنوات القليلة الماضية انتشرت شبكات كوابل الألياف الضوئية بصورة كبيرة وتم بالفعل إضافتها كأحد مشروعات «حياة كريمة» لتوصيل تلك الشبكات إلى الريف المصرى، أما عن السرعات الحالية (30 و70 و100 ميجا) فإنها إلى حد كبير سرعات جيدة جدًا وربما نحتاج إلى وجود سرعات أخرى إضافية أسرع فى المستقبل القريب والأمر لا يجب اختزاله فى نظام الإنترنت المنزلى ADSL فقط بل يجب النظر إلى التطور الحادث فى سرعات نقل البيانات من خلال شبكات المحمول -الجيل الرابع4 G- الموجودة حاليًا أيضًا، أعرف أن التعاقد بين المستخدم والشركة مقدمة الخدمة فى بعض الأحيان لا يسمح بإثبات سبب العطل وتحميل فترات الانقطاع على المشترك, كما أن بطء الشبكة أحيانًا لا يتم وضعه فى الاعتبار بالقدر الكافى وهذا دور أصيل للجهاز القومى لتنظيم الاتصالات وهو الجهة الرسمية المنوط بها مراقبة جودة الخدمة المقدمة والفصل بين العملاء ومقدمى الخدمة, وهو ما يتم فى حالات كثيرة ولكن لا يتم الالتفات إلا إلى الحالات التى لا يتم فيها ذلك بالمستوى المطلوب, كما يجب أيضًا الإبقاء على مبدأ الاستخدام العادل fair use حتى لا يقع أى نوع من أنواع الظلم على بعض العملاء نتيجة الاستخدام المفرط من قبل عملاء آخرين، ولا يجب أيضًا الترويج بأن كل دول العالم قد انتقلت إلى نظام الإنترنت غير المحدود, فهذه المعلومة غير صحيحة ولكن ربما يخلط البعض بين الباقات العملاقة وبين أن الإنترنت غير محدود.

ثانيًا: الجانب الأمنى

يجب الاهتمام بوضع المحددات الأمنية فى الاعتبار، فلا يصح ألا يتم تحديد الشخص الذى يسىء استخدام الشبكة من أجل ارتكاب جرائم إلكترونية سواء تلك الموجهة للداخل أو العابرة للحدود Cross borders وهو ما يصعب المهمة فى حالة عودة الوصلات غير الشرعية مرة أخرى وربما يؤدى ذلك إلى اتهام بعض الأبرياء نتيجة بعض الممارسات غير المسئولة من مستخدمين آخرين يشتركون معهم فى نفس الوصلة.

ثالثًا: الجانب المالى

قد يكون من المناسب مراجعة أسعار الباقات الحالية وسرعاتها مع المتوسط العام لدول العالم المختلفة وإعادة تقييم الأمر, فالإنترنت فى مصر ليس هو الأعلى سعرًا على الإطلاق كما أنه ليس الأقل سعرًا أيضًا ولا يجب فى أى مقارنة من المقارنات أن نتحدث عن نظام الاتصال أو السعر دون النظر إلى جودة الخدمة المقدمة من خلال مراجعة التقارير الدولية التى يتم فيها ترتيب الدول بناء على سرعة الإنترنت بها، كما يجب أن يوضع فى الاعتبار أن الإنترنت يعتبر خدمة يتم الحصول عليها من الخارج مثلها مثل أى سلعة أخرى يتم استيرادها بالعملة الصعبة وكذا أيضًا أجهزة الاتصال المستخدمة للحصول عليها.

الحلول المالية كثيرة وهى تحتاج إلى دراسة متأنية كما سبقت الإشارة, كما يمكن أيضًا وضع بعض المقترحات الفنية لوضع نظامين للمحاسبة بناء على الخدمة التى يتم الحصول عليها هل هى داخل البلاد ولا تحتاج إلى الاتصال الخارجى أم أن الخدمة يتم الحصول عليها بالكامل من الخارج وهو أمر ربما يشجع على استضافة بعض المواقع والخدمات فى مراكز بيانات وطنية وتكون نقطة من نقاط الميزة التنافسية لتلك الاستضافة.

أما الحديث بدون تقييم الوضع وبدون دراسة للآثار المترتبة فإنه لن يذهب بنا إلى أى حل مناسب ولنا أن نتخيل أن شركات الإنترنت قد استجابت لتحويل الإنترنت المحدود إلى إنترنت غير محدود وهو فى تقديرى ما سيؤدى إلى بطء شديد فى سرعة الاتصال, مما سيؤثر سلبًا على الاقتصاد قبل أن يكون تأثيره على أغراض التسلية واللعب.