الإثنين 29 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
ضل الطريق بينا

ضل الطريق بينا

منذ عدة أيام كنت مدعوًا فى المساء على مأدبة عشاء، ولأننى قد اعتدت مؤخرًا على استخدام خاصية Google Maps  التى تستخدم تقنية الـ GPS  لتحديد نقطة البداية ونقطة النهاية وتحدد عدة مسارات وتختار أكثرهم سهولة وسرعة وإنسيابية، فقد قمت فور ركوب السيارة بتشغيل البرنامج ورضخت رضوخا كاملا لتعليمات البرنامج فى الاتجاه يمينا أو يسارا بدون اى تركيز فى معالم الطرق والشوارع حتى وصلت بالفعل الى نقطة النهاية بنجاح.



إحدى مميزات هذا التطبيق أنه بالإضافة إلى إمكانية استخدامه دائما وتجنب سؤال المارة والحصول على سؤالهم السرمدى المضاد «هما قالولك فين؟»، فإن هذا التطبيق يعطى أيضا صورة عن حالة الطريق من حيث الكثافة المرورية بدقة لم تخب على الإطلاق.

بالطبع مازال البعض يتندر على هذا التطبيق وغيره من التطبيقات البديلة من خلال الإفيه الشهير فى فيلم «عسل أسود» للنجم احمد حلمى عندما أراد الاعتماد على التطبيق للوصول الى اهرامات الجيزة فما كان من التطبيق إلا أنه قد أوصله الى برج الجزيرة مؤكدًا أنه قد وصل بالفعل الى الأهرامات مما دفع البطل لمخاطبة التطبيق قائلا «بس بقى بلاش كذب»، وفى الحقيقة أن الأمر يحتاج الى تفسير، فبعيدا عن أن الفيلم يندرج تحت فئة الأفلام الكوميدية ظاهريا إلا أنه قد حمل العديد من الرسائل السلبية من خلال عقد مقارنات بين أن تكون مصريًا أو أن تكون أمريكيا، إلا أن نقطة أخرى فى غاية الأهمية يجب الانتباه إليها وهى أن هذا الفيلم إنتاج 2010 أى منذ اثنتى عشر عاما حيث كانت خدمة الـ GPS  حديثة الدخول إلى مصر كما أن تقنيات الذكاء الاصطناعى والتعلم الموجودة فيها ليست بقدر الاحترافية والدقة الموجودة عليها الآن.

وبالرغم من روعة التطبيق إلا أن خاطرا مخيفا قد طرأ على تفكيرى بخصوص الاعتماد المفرط على تلك التقنية، هل سنصل إلى مرحلة قد لا يعرف بعضنا عنوان منزله أو عمله دون الاعتماد على هذه الخدمة، وماذا لو حدث عطل فى شبكة الانترنت أو فرغت بطارية الهاتف المحمول فى منتصف الطريق ولا مجال لإعادة شحنها، أو ماذا يحدث فى حالة توقف الأقمار الصناعية-عطلا أو عمدا- عن إمداد الهواتف والشبكات بهذه الخدمة مثلما سمعنا فى الأزمة الأخيرة بين روسيا وأوكرانيا.

أمور تعيد الى ذهنى الجدل الذى دار عندما بدأنا نرى الآلة الحاسبة بنهاية سبعينيات القرن الماضى وتنامى الحديث حول آثارها السلبية على العقل البشرى وتراخى قدراته الحسابية.

العجيب أن أول أغنية استمع إليها بالصدفة فى اليوم التالى كانت رائعة عبد الرحيم منصور وغناء النجم محمد منير «ضل الطريق بينا.. مشينا ما درينا.. مين العدو م الشقيق».