القليل من المنطقية يرحمكم الله
اتذكر فى نهايات سبعينيات القرن الماضى أن اتجه بعض الجيران إلى إمام المسجد القريب والذى كان يستخدم الميكروفون بإفراط وبصوت عال خاصة قبل صلاة الفجر بنصف ساعة على الأقل مطالبين إياه بخفض الصوت وتقليل زمن الاستخدام وقد ساقوا فى نقاشهم عددا من الأحاديث والنصائح الخاصة بحسن الجوار وعدم التعدى وإن منهم المريض والطالب وكبير السن فما كان من الإمام إلا أن انفجر قائلا «لو كان عبدالحليم حافظ ما تحركتم ولا اعترضتم ولكنكم تعترضون لأنه كلام الله».
بالطبع لم تصل المفاوضات إلى أى نتيجة واستمر صوت الميكروفون مرتفعا إلى أن توفى إمام المسجد وأتى إمام آخر يشعر بالمشكلة حقا وربما اكتوى بنارها يوما ما.
تذكرت هذه الحادثة عندما انتشرت أخبار عن حفل لمطرب كبير فى الساحل الشمالى اشترط فيه أن يأتى الجمهور مرتديا الملابس البيضاء وهو ما استجاب له جميع الحضور بلا استثناء وهنا وجدت بعض الآراء تخرج من عدد من صفحات مواقع التواصل الاجتماعى مقارنة بين سرعة الاستجابة لطلب المطرب وبطء الاستجابة وربما النقاش والجدل الذى يصل أحيانا إلى رد الأمر على الآمر وذلك عندما يأتى الأمر من الله بأخذ الزينة عند كل مسجد أو احتشام المرأة أو قول الصدق وإتقان العمل وغيرها من الأمور الإلهية والحقيقة فإننى وإن كنت ترى أن المقارنة فى الحالة الأولى ليست موفقة تماما وبها بعض الخلط المقصود إلا أننى فى الحالة الثانية أرى ان الأمر خطير ويحتاج منا إلى مراجعة النفس فلا نجاه بدون اتباع أوامر الله والابتعاد عما نهى عنه.
اعرف أن الطرح السابق قد يفتح بوابات لبحور من الجدل حول الفرعيات والتفاصيل التى تكاد أرى الشيطان قابعا بداخلها مبتسما ومرحبا بمريديه الذين لاينقطعون عن الغوص فى أى تفاصيل وللأسف لم نر منهم ناجيا واحدا فالكل غرقى إلا من رحم ربى.