الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا
ضل الطريق بيننا

ضل الطريق بيننا

فى عام 1978 صدر كتاب للعالم الفلكى والفيزيائى مايكل هارت بعنوان «المائة: ترتيب أكثر الرجال تأثيرًا فى التاريخ» أو The 100: A Ranking of the Most Influential Persons in History وهو ما ترجمه الكاتب الكبير أنيس منصور بعد ذلك بسنتين حيث صدرت الطبعة الأولى من الكتاب عام 1981 بعنوان “الخالدون مائة أعظمهم محمد رسول الله” وهو الكتاب الذى انتشر انتشارًا كبيرًا بين جميع الأوساط الثقافية والدينية والتاريخية، كما تم أيضًا محاولة وضع تفسيرات متعددة لهذا الترتيب بالرغم من أن الكاتب الأصلى كان واضحًا فى الإفصاح عن معايير الاختيار والترتيب والتى يأتى على رأسها ألا يكون الشخص على قيد الحياة وأن يكون المعيار الأساسى للاختيار هو حجم الأثر الذى تركه ومدى اتساع هذا الأثر وعمقه فى نفوس أتباعه وكذا أيضًا على مستوى الأحداث المترتبة عليه على جميع الأصعدة وتحديدًا على الصعيد الدولى.



ونتيجة لهذه المعايير فنجد أن الكتاب بالإشارة إلى الاحتفاء بالعلماء الكبار والأدباء والفلاسفة وعدد من رجال الدين إلا أنه يشمل أيضًا بعض الشخصيات المثيرة للجدل مثل ستالين وهتلر ، أما عن الشخصيات المصرية المذكورة فى الكتاب فلا نجد إلا سيدنا موسى عليه السلام فى الترتيب السابع عشر والملك مينا موحد القطرين فى الترتيب  التسعين.

أتذكر النسخ الأولى التى حصلت عليها من هذا الكتاب وتحديدًا عام 1983 والتى كان ثمنها خمسة جنيهات كاملة وما زلت أتذكر كم الفرح والبهجة والمعرفة التى حصلت عليها من قراءة هذا الكتاب عدة مرات على مدار السنوات الماضية، إلا أن مراجعة أخيرة للكتاب هذه الأيام وخاصة بعد انتشار شبكات المعلومات وإتاحة المعرفة بصورة غير مسبوقة فإننى أعتقد أن إعادة البحث فى هذا الكتاب ومراجعة ما به من شخصيات-بالإضافة إلى مرور 44 عامًا على إصداره-فإن أمورًا كثيرة قد تتغير، فالكاتب لم يتعمق فى التاريخ العربى والإسلامى والقبطى فى منطقتنا بالقدر الكافى كما لم يهتم كثيرًا بمنطقة بلاد فارس وما خلفها بالإضافة إلى أن عصر المعلومات وما نتج عنه من تغيير فى مفاهيم كثيرة وثورة حقيقية فى التواصل والاتصال والنهل من مصادر المعرفة وظهور أنماط جديدة منها فإن الأمر قد يختلف كثيرًا ،وهنا أيضًا أعتقد أنه قد يكون من الظلم مقارنة الأثر عبر العصور فلا يمكن  ولا يصح ولا يستقيم الأمر عند مقارنة أثر مخترع شبكة الإنترنت بأثر نابليون بونابرت مثلًا ولكن وبالرغم من تلك الاختلافات فإن الفكرة الأصلية والمعيار الأساسى للاختيار ما تزال هى الفكرة الصائبة والأكثر دلالة على العظمة وهى “الأثر” ،وهو الأمر الذى لا يظهر فى أحيانٍ كثيرة فى حياة الشخص بل قد يتسع ويبدو جليًا بعد وفاته وبسنوات عديدة