الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
طفى النور

طفى النور

الصراعات الأسرية بين الأم وأبنائها مستمرة ومتنوعة، ربما تختلف باختلاف العصر والزمن، لكنها موجودة ولم ولن تنتهى، بدءا من صراع عدم الجلوس على الموبايل أو أمام شاشة التليفزيون لساعات طويلة، مرورًا بصراع تنظيم السرير وترتيب الغرفة، وغسل الأسنان لمدة لا تقل عن دقيقة، وصراع الشعيرية سريعة التحضير أو النودلز التى يعشقها الأبناء بينما ترى الأم أنها مضرة والأفضل تناول طعام صحي مفيد، علاوة على صراع المذاكرة بضمير الذى ينشط خلال أيام الدراسة تحديدًا وتتعالى فيه أصوات الصياح والصراخ، وصراع عدم إصدار صوت أثناء مضغ الطعام، ومن بين كل هذه الصراعات يأتى صراع «طفى النور».



وإذا كانت الصراعات سالفة الذكر تأتى من منطلق حب الأم لطفلها، ورغبتها فى أن يكون أحسن وأحلى وأفضل، سواء صحيًا أو اجتماعيًا أو أسريًا أو نفسيًا، فإن صراع «طفى النور»، مختلف بعض الشىء، فهو ليس كما يعتقد الأبناء، بأنه رغبة من الأب والأم فى توفير فاتورة الكهرباء التى تفاجئهم كل شهر بمدى ضخامتها، وفظاعتها، وقيمتها، التى ربما لا تساوى بأى حال من الأحوال مقدار الاستهلاك الشهرى من الكهرباء، لأسرة مكونة من خمس أو أربع أفراد، تسير بمبدأ «طفى النور» فى حياتها اليومية، لكن هذا الصراع يخرج من دائرة الأسرة والعائلة والأصدقاء والجيران إلى دائرة أكبر وأوسع وأضخم، وهى كوكب الأرض، الذى بات يشتكى ويئن من تصرفات البشر الذى يعيشون عليه، ويعانى من تغيرات مناخية كبيرة بفعل الإنسان وما يقوم به من أنشطة تسببت فى إحداث الكثير من التغيرات المناخية التى ندفع ثمنها حاليًا وستدفع ثمنها أيضًا الأجيال القادمة، ولعل أرزها ارتفاع حرارة الكوكب بشكل مهول.

أكد تقرير لمعهد سكريبس لعلوم المحيطات فى جامعة كاليفورنيا أن هناك ارتفاعا فى مستويات ثانى أكسيد الكربون فى الغلاف الجوى للأرض بأكثر من 420 جزءًا فى المليون خلال أبريل الماضى، وهذا أعلى مستوى تم تسجيله على الإطلاق فى تاريخ البشرية، ويعد ثانى أكسيد الكربون من أهم الغازات المرتبطة بتغير المناخ، لأنه يسبب الاحتباس الحرارى وهو سبب ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض بجانب الجفاف والحرائق والفيضانات، وهذا يعنى أن البشر على الكوكب لا يبذلون أى مجهود لمعالجة الآثار الناتجة عن الأنشطة الصناعية والبيئية التى يقومون بها.

نعيش فى وقت لم يعد فيه الأطفال بمعزل من التغيرات المناخية التى تحدث حولنا، بل لهم دور كبير، لأنه يجب منذ البداية تنشئة هؤلاء على أهمية الحفاظ على البيئة وعدم إلقاء القمامة على الأرض وعدم ترك صنبور المياه مفتوحًا دون جدوى أو استخدام، إضافة إلى أهمية ترشيد استهلاك الكهرباء وإطفاء الأنوار غير المستخدمة، ونزع فيش الكهرباء من الأجهزة غير المستخدمة وأبرزها التلفزيون والميكروويف وكذلك شاحن الموبايل، لأن تركها موصولة فى الكهرباء، قد يستهلك نسبة لا بأس منها تصل لنحو 15٪ فى حالة شاحن الموبايل.

كل هذه الأشياء الصغيرة إذا زرعتها الأم فى أطفالها، ستكرس بداخلهم  فكرة مهمة وهى أن كل فرد له دور وبوسعه أن ينقذ الكوكب ويتصدى لتغير المناخ، ولن يتم ذلك دون زرع ثقافة أكثر أهمية وهى إعادة تدوير البلاستيك وتحويله لقطع فنية وإكسسوارات يمكن إعادة استخدامها بشكل يومى، و ألا ننسى أن «نطفى النور» من أجل الأرض.