الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
المثقفون فى الفكر الناصرى

المثقفون فى الفكر الناصرى

كان الفكر الناصرى يرى أن مسئولية البناء النظرى للثورة واسلوب هذا البناء يقع على عاتق مثقفى الأمة. والواقع أن هذا أمر بديهى ففى أى مجتمع لا يمتلك القدرة اللازمة للبناء الفكرى إلا المثقفون وهم يتميزون بصفتهم هذه تمييزا لقدرتهم غير أنه يجب الانتباه إلى ما يعنيه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بالمثقفين فى الحوار الذى دار فى إبريل سنة 1963 فى الاجتماع الخامس لمباحثات الوحدة الثلاثية بين مصر والعراق وسوريا عندما اقترح أحد أعضاء الوفد السورى التفرقة بين المثقفين السوريين والمثقفين غير السوريين فكان رد الرئيس جمال عبدالناصر على تلك التفرقة أنه قال، فيه فرق بين المثقفين والمتعلمين يعنى ممكن واحد متعلم يبقى برجوازى ده ما اقدرش أقول عليه إنه مثقف أنا بقول عليه أنه متعلم وأستاذ كبير فى اى فرع من فروع العلم لكن المفروض بالمثقف أنه مثقف اجتماعيا زى ما بنقول مثقف اجتماعيا لكن إذا أطلقنا تعبير المثقفين على كل المتعلمين يبقى تعبيرنا بالنسبة لهذه العملية خطأ..



إذن المثقف لدى الرئيس الراحل جمال عبدالناصر هو المثقف الاجتماعى غير الراسمالى وبذلك فإن ناصر قد ربط بين الثقافة والاشتراكية فلا يعتبر عنده مثقفا إلا الاشتراكيون التقدميون وقال عبدالناصر أيضا صراحة هو فى الحقيقة السوريون هم الطليعة هنا العمال السوريون هم الطليعة والفلاحون السوريون هم الطليعة والطليعة واجبها أن تقود الكل والمثقفون السوريون هم الطليعة لكن ضمن تحالف قوى الشعب العاملة ومن هنا نجد أن عبدالناصر كان يرى أن عيب البناء النظرى للثورة يقع على عاتق المثقفين الاشتراكيين وحدهم فى اطار ما يرى أنها التجربة الوطنية الخالصة. وأن الحلول الحقيقية لمشاكل اى شعب لا يمكن استنباطها من تجارب شعوب أخرى وأن إرادة التغيير الاجتماعى فى بداية ممارستها تجتاز فترة اشبه بالمراهقة الفكرية تحتاج خلالها إلى كل زاد فكرى وذلك باستيعاب التراث الفكرى العالمى والتجربة الخاصة لتكون لمقدمة لإبداع فكرى خالص.

ولذلك فإن العلاقة بين سياسة عبدالناصر وقادة ثورة يوليو والمبدعين فى جميع المجالات سواء الأدب أو المسرح أو الغناء وغيرها من صور الإبداع دائما ما تظهر من طرفين شديدى التناقض الأول يرى أن عهد عبدالناصر والخمسينيات والستينيات هو زمن الازدهار الفكرى والإبداعى وأن الثورة قد هيأت المجتمع المصرى لاستخراج مكنونة من الإبداع فى جميع المجالات اما الطرف الآخر فيرى أن الثورة والسنوات التى تلتها كانت وبالا على الحريات والإبداع والفن وقت قتل فيهما علم النقد وأن أى إبداع كان موجها بل أن أى مبدع كان نتاج سنوات حكم الملكية بمصر وتوابع لثورة 1919 ولم يكن لثورة 52 داخل فى وجودهم.

الرأى الأول يرى ازدهار حركة الإبداع والفن فى الفترة من بعد ثورة يوليو وحتى 1967 لقد قدم الفن المصرى فى تلك الفترة أكثر من خمسة عشر الف اغنية عاطفية وهى نتاج إبداع الكوكبة المعتبرة من المطربين والملحنين على سيل من الأغانى الوطنية التى مازلنا نستخدم بعضها حتى الآن تلك أغنيات عبدالحليم حافظ وشادية ونجاة وفايزة أحمد وفريد الأطرش وصباح ووردة وعبدالعزيز محمود وكريم محمود وعبدالمطلب ومحمد قنديل ومحمد رشدى وعبداللطيف التلبانى وماهر العطار ومحمد فوزى ودة سلطان ومحرم فؤاد إضافة إلى استمرار الإبداع من كل من أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب فقد قدموا أروع أعمالهم فى زمن ناصر أن هؤلاء المطربين المبدعين تركوا لنا كنزا من الأغنيات الراقية وشاركهم نخبة من الملحنين والشعراء منهم كمال الطويل ومحمد الموجى وبليغ حمدى وأحمد صدقى ومحمود الشريف وعبدالعظيم عبدالحق ومرسى جميل عزيز عبدالفتاح مصطفى وجليل البندارى وعبدالرحمن الأبنودى وإسماعيل الحاقروك وغيرهم الكثير.

أما فى عالم السينما نجد أن مصر انتجت نحو سبعمائة فيلم فى عهد الثورة مع العلم بان كل ما عرض على شاشة السينما العربية طوال القرن الـ20 لم يتجاوز ثلاثة آلاف فيلم أى أن صناع السينما المصرية والعربية حققوا ربع إنتاجهم فى نحو 18 سنة فقط هى فترة حكم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر والظاهر للعيان أن سنوات الخمسينيات والستينيات شهدت إنتاج أهم الأفلام فى تاريخ مصر السينمائى تلك التى أسهمت فى تشكيل هويتنا الفنية والعلو بها ومعظم كبار نجوم الزمن الجميل ظهروا وتألقوا فى عهد عبدالناصر وهم يقرون بأنهم أبناء ثورة يوليو ومنهم فاتن حمامة وشادية وسميرة أحمد وهند رستم ومريم فخر الدين ولبنى عبدالعزيز وسعاد حسنى عبدالحميد وكمال الشناوى وفريد شوقى وشكرى سرحان ومحمود مرسى ورشدى أباظة وعمر الشريف وأحمد رمزى وأحمد مظهر وعبدالمنعم إبراهيم وصلاح ذو الفقار وحسن يوسف وماجدة الصباحى.

وفى عالم المسرح نذكر الكتاب العباقرة فى تاريخنا المسرحى أمثال نعمان عاشور والفريد فرج وسعد الدين وهبة وغيرهم وكبار المخرجين مثل كرم مطاوع وحمدى غيث وكمال ياسين وعبد المنعم مدبولى علاوة على نجوم المسرح فى خمسينيات وستينيات القرن العشرين سميحة أيوب وسناء جميل ونعيمة وصفى وسهير المرشدى وسهير البابلى وليلى طاهر وتوفيق الدقن وفؤاد المهندس ومحمد عوض وأمين الهنيدى وأبوبكر عزت وإبراهيم سعفان وعبدالسلام محمد وغيرهم الكثير والكثير والمعروف أن المسرح فى الستينيات قد حظى فى مصر بالكثير من الدراسات لكثير من المبدعين رشاد رشدى ونعمان عاشور وسعد الدين وهبة ويوسف إدريس وغيرهم وبالعديد من الكفاءات والكتابات عن العديد من المسرحيات الاجتماعية النقدية والسياسية الفلسفية والتعليمية وبالكثير من المتابعات لرصد قوالبة الفنية والتراثية والتاريخية والشعبية وبالكثير من المتابعات النقدية الرائعة والعظيمة التى اثرت حركة النقد الأدبى فى تلك الفترة مما نتج عنه كم هائل من المعلومات والبيانات.

اما فيما يتعلق بالرأى الآخر المعاكس لهذا الرأى فهو حديثنا فى المقال القادم إن شاء الله.  وللحديث بقية