الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«غواية»  الأهلى والزمالك

«غواية» الأهلى والزمالك

لست محللًا رياضيًا.. وعلاقتى بكرة القدم من سنوات طويلة مشاهدة لا ممارسة..  مشاهدة متقطعة أتاحت لى أن أرى الصورة بوضوح بعيدًا  عن «التعصب».. ببساطة واحد من الذين لا يستسلمون للغواية بين الأهلى والزمالك، أو تزيغ  أبصارهم  بين ما يحدث فى ملاعبنا وكرة القدم فى العالم كله، ويزعم زورًا وبهتانًا أن مايشاهده فى ملاعبنا هى منافسات جادة ومباريات حقيقية فيها خطط وجرى ولاعبين ومدربين.. فلا مقارنة تذكر بين معدلات اللياقة البدنية لدى لاعبينا،واللاعبين الحقيقيين فالفارق هائل فى السرعة والمهارات الفنية والبدنية.



مؤمن تمامًا أن صناعة اللعبة لدينا لا تخضع لاستراتيجيات قائمة على فكر محترم  يصُب فى خانة ظهور منتخب وطنى قوى تحترمه الفرق المنافسة... دعونا نتفق أن حال الدورى المصرى فى بلدنا لايسر عدوًا ولا حبيبًا.. واعتقد أن هناك محاولات جادة الآن لتخطيط سليم لكن نتائجه قد تظهر بعد سنوات.. صدقونى دورى مستمر 3 مواسم متواصلة لن يفرز منتخبًا قويًا ولن يقدم لنا متعة حقيقية..   فمهارات لاعبينا محدودة واللياقة البدنية فى الحضيض.. وكرة واحدة تخبط صدفة فى أى جزء من جسد لاعب وتدخل المرمى.. أو لاعب آخر يجرى خمس دقائق ويقف بعدها خائر القوى يعانى آلام المفاصل.. أو ثالث يقدم مهارة أساسية من مهارات اللعبة ويرفع الكرة من “الكورنر” يصبح  بعدها الأسطورة والخط الأحمر ومعشوق الجماهير .

إذا كان حالنا هكذا بؤس فنى وأموال تلقى على الأرض والكل يعلمه فمن أين تأتى “المغالية” فى تقدير أنفسنا.. المبالغة فى الحزن والفرح.. من أين يأتى “التعصب”  ونحن نتفنن فى إدارة الهزيمة وليس النصر.. فلا منتخبنا وصل كأس العالم ولا فزنا ببطولة إفريقيا ولا أى من فرقنا فاز بأى بطولة قارية 

..أقول لكم.. الحقائق التى سقطت من الذاكرة هى أننا لم نحرز شيئًا لافتًا للنظر طوال السنوات العشر الماضية، غبنا عن دورات لكأس الأمم الإفريقية وخرجنا مبكرًا من الأدوار التمهيدية ومن فرق ضعيفة المستوى لكنها كانت وقتها تقوم بدور العيان وليس الميت، وبعد سنوات من الغياب حدثت المفاجأة الوحيدة فى تاريخنا القريب، وهى أننا وصلنا إلى نهائى الأمم الإفريقية، وأكثر من ذلك ذهبنا إلى كأس العالم بعد ٢٨ سنة من الغياب..

وبعدها عادت لنا الحالة المزمنة من الإخفاق الدائم، نصعد ثم نهوى سريعًا وتستمر معنا فقط المبالغة الشديدة فى تقدير أنفسنا وأننا أصحاب تاريخ و7 بطولات إفريقية ووووو. ورغم أن هذه هى حالتنا الحقيقة  التى لانريد أن نعترف بها.. تنصب لنا “الاستديوهات التحليلية “  كل ليلة.. محللين استفادوا  كثيرًا من “التعصب” وساهموا  بقوة فى  تعميق الخصومة الرياضية، واختصار كرة القدم  كلها فى الأهلى والزمالك، وبات السباق على «التريند» فى وسائل التواصل الاجتماعى والنجومية للسيد المحلل والتى ستجلب له المزيد من الأموال والشهرة هى الهدف الأسمى والأعز.

 الاستديوهات  تنصب كل ليلة لإشعال المزيد من الخصومة والتعصب... والحكاية سهلة للمحللين والمعلقين على المباريات.. فأحسن لاعب هو الذى استبعده “الكوتش” ويجلس على دكة البدلاء.. وأفضل لاعب هو من يخرجه المدير الفنى  فى الشوط الثانى بعد أن وقف عاجزًا حائرًا شاردًا 45 دقيقة كاملة هى مدة الشوط الأول.. ويظل المحلل أو المعلق يصرخ “تغييرات عجيبة مريبة” وطبعًا بعد المباراة لو فاز الفريق بطريقة دربكة أمام المرمى وخبطت فى حد ودخلت.. نسمع كلامًا عظيمًا عن عبقرية الخطة وقراءة الملعب والتغييرات المؤثرة.

ومع كل استديو يزيد التعصب.. ومع كل مشاهدة  أتألم لحال شبابنا المتعصب ويبقى نفسى أحكى لهم حكاية الكلب والذئب

الحكاية بتقول: إن ذئبًا دخل قرية ليأكل الغنم.. كلاب القرية صحيت وبدأت تطارده لساعات طويلة.. كل كلاب القرية تعبت ورجعت إلا كلبًا واحدًا فضل يطارد الذئب لحد ماتعب ووقف وسأله أنت كلب صاحب الغنم قاله لأ.. تبقى كلب العمدة قال لأ.. تبقى كلب شيخ البلد قال له لأ.. طيب أنت كلب مين.. قال له كلب الخياط بتاع القرية.. سأله الخياط عنده غنم قال له لأ.. لما العمدة أو شيخ البلد أو أصحاب الأغنام بيدبحوا بيرموا لك العضم ..قال له لأ.. بيرموه لكلابهم... يقال إن الذئب فى هذه اللحظة مات بالسكتة القلبية

“التعصب” لعب بالنار قد يحرق الجميع فى لحظة  فظاهره المبالغة فى الحزن والفرح،البشرى والإحباط،.. التفاؤل والتشاؤم، وباطنه “حب مطلق أو كره مطلق “ لفريق ما أو رياضة معينة.. طريق محفوف بالمخاطر فوقوده شباب صغير متهورلا يمارس اللعبة..ولم يعتد “الروح الرياضية”  فلا هو قادر على الاشتراك فى نادٍ ولا هناك ملاعب فى الشوارع كمان كان الأمر زمان.. شباب  لديه شعور بالانفصال عن الماضى، والخوف من الحاضر، وعدم السيطرة على المستقبل... ويرى كرة القدم هى الشىء الوحيد الذى يسعده.. المتنفس الذى يُخرج فيه طاقات الغضب والإحباط من حاله الذى هو أيضًا لايسر عدوًا ولا حبيبًا تمامًا كحال الدورى المصرى.. فنراه متحيزًا ومحبًا لفريقه حبًا مبالغًا فيه، ولديه إحساس بالعداوة تجاه الفرق الأخرى... والنهاية الحتمية لهذا النوع من التعصب هو مشكلات صحية ونفسية أبرزها الانفعال والغضب والسلوك العنيف وسوء التعامل مع الآخرين فى الحياة الشخصية والعملية، بدلًا من التشجيع المرتبط بالترفيه وأن اللعب مجرد رياضة فيها الفائز والخاسر.