الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

السياحة المستدامة كلمة السر

13 محمية تستقبل الزوار وبرامج ترفيهية بمشاركة سكانها الأصليين

من المعروف أن مصر تمتلك موقعًا سياحيًا مميزًا وهذا التميز ليس له حدود ولا يزال هناك مواقع لم تكتشف على نطاق واسع وهى المحميات الطبيعية التى تحمل الكثير من الأسرار والحكايات، وتمثل 15% من إجمالى مساحة مصر، ولكن لكى تستمر السياحة فى كامل تألقها لابد أن تكون مستدامة؛ أى معنية بالحفاظ على الموارد الطبيعية وحمايتها من أى سلوكيات سلبية يمكن أن تهدد استمراريتها مثل إلقاء المخلفات لا سيما البلاستيكية منها وأعقاب السجائر وكسر الشعاب المرجانية وغيرها من المخالفات التى تهدد سلامة الموارد الطبيعية، وعن السياحة البيئية وكيف يمكن أن تكون السياحة مستدامة بما يحفظ الهوية الثقافية لسكانها الأصليين «روزاليوسف» التقت المهندس محمد عليوة مدير برنامج السياحة المستدامة بوزارة البيئة، والذى كشف عن الإجراءات المتبعة حاليًا وكيف يمكن للسياحة أن تتعافى من آثار جائحة كوفيد 19 دون المساس بمعايير الاستدامة.



التخطيط للاستدامة

فى البداية تحدث المهندس محمد عليوة عن مفهوم السياحة المستدامة والتى تتمثل فى جانبين الأول فى التنمية السياحية المستدامة أى التخطيط السياحى والمعمار، عبر الابتعاد عن المناطق ذات الحساسية البيئية مثل مخرات السيول وغيرها من العوامل البيئية، بخلاف مراعاة عدة جوانب أخرى منها معالجة مياه الصرف الصحى والتعامل الصحيح مع المخلفات وتحلية المياه، هذا بالإضافة إلى الالتزام ببعض الضوابط فى مرحلة البناء من شأنها أن تجعل التشغيل بعد ذلك يكون أكثر استدامة.

أضاف عليوة أن السياحة المستدامة فى مجملها شكل من أشكال التنمية لها تأثير إيجابى بيئيًا، عبر التوفير فى الطاقة والاستفادة من مياه الصرف الصحى وهو ما يجعل المشروع مربحا أكثر.

وعن المحور الاجتماعى للسياحة أوضح مدير السياحة المستدامة فى وزارة البيئة فى حواره مع روزاليوسف ويتمثل فى الاحتياج لتشغيل عدد أكبر بالتالى تزيد فرص العمل والأهم هو دمج المجتمعات المحلية، مضيفًا: «نحاول توفير فرص عمل لسكان هذه المناطق وأيضًا عبر تقديم خدمات أو منتجات أو سلع أو حفلات ترفيهية؛ وبذلك يتوفر لهم دخل مادى إلى جانب الحفاظ على عاداتهم وتقاليدهم وهويتهم الثقافية».

البحر الأحمر الأكثر ثراءً

وبالسؤال عن أهم المناطق التى تضم موارد طبيعية جاذبة سياحيًا كانت إجابة المهندس محمد عليوة أن البحر الأحمر يضم 80% من المناطق الجاذبة سياحيًا من خلال مواردها الطبيعية المميزة، سواء فى جنوب سيناء أو محافظة البحر الأحمر، وقال عليوة أنها تضم أكثر المناطق التى تضم تنوعا بيولوجيا وموارد طبيعية، لكنها فى نفس الوقت الأكثر حساسية ويوجد تنوع كبير فى البيئات الجبلية والبيئات الصحراوية، ولكن أقل حساسية من البحر الأحمر، وقال: «نحاول فى حملة «إيكو إيجبت» توزيع الضغوط السياحية بحيث لا تكون مركزة فقط على البحر الأحمر». 

وأوضح المهندس محمد عليوة مدير برنامج السياحة المستدامة أن التشغيل السياحى له تأثير مثل التنمية السياحية؛ لأن التشغيل يترتب عليه استخدام مياه واستخدام طاقة وينتج عنها مخلفات سواء صلبة أو سائلة أو كيميائية، وهو ما ينطبق على الفنادق أو المراكب الساحلية والرحلات الصحراوية أيضًا؛ لذلك وضعت وزارة البيئة دليلا إرشاديا لكافة الأنشطة السياحية سواء التى تتم من خلال الفنادق أو الرحلات البحرية أو الصحراوية.

أبرز الممارسات السيئة على السواحل تتمثل فى ست ممارسات تم تصويرها فى فيديو للتوعية بعنوان: «استمتع بالبحر وحافظ عليه»، وتم عرضه فى كافة الفنادق والمطارات، ويلقى الضوء على سلوكيات مثل الاحتفاظ بصدف البحر والذى يعتبر بيتا للكابوريا ويجب عدم جمعه من الشاطئ لكى تظل حية، وأيضًا رمى أعقاب السجائر فى الرمال وغيرها من أنواع القمامة والتى تتغذى عليها الطيور الساحلية وبالتالى تموت، واستخدام كريمات الحماية من الشمس غير الآمنة يؤذى الشعاب المرجانية والأحياء البحرية، إضافة إلى لمس الشعاب المرجانية والذى يؤذيها وقد يعرضها، ورمى البلاستيك فى البحر يعرض الكائنات البحرية للاختناق، علاوة على رمى الأكل للأسماك والذى يعرضها للموت لا سيما أن غذاءها الطبيعى موجود فى بيئتها البحرية ورمى الطعام لها يلوث المياه ويعرضها للنفوق.

التوعية كلمة السر

الحلول المقترحة لهذه السلوكيات بحسب ما ذكره عليوة يتمثل فى رفع الوعى سواء للعاملين فى المنشآت السياحية أو السائحين، ويتم تدريب العاملين وتوعيتهم بكيفية التعامل مع أى مخالفات.

أضاف المهندس محمد عليوة أن كل محميات مصر يمكن أن تستقبل الزائرين، ولكن حملة «إيكو إيجبت» ركزت على 13 محمية لأنها هى الصالحة لاستقبال الزوار وذات طابع سياحى يمكن الاستفادة به، ولكن للأسف لا تحظى سياحة المحميات الطبيعية بالدعاية الكافية وهو ما دفع حملة «إيكو إيجبت» للتركيز على الترويج لها، كما أن هناك حملة أخرى تستعد وزارة البيئة لتنظيمها فى جميع وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية وعبر وسائل التواصل الاجتماعى، وهى حملات مقسمة إلى أربعة محاور تشمل التالى: ما هى الأنشطة التى يمكن أن تمارس داخل المحميات الطبيعية وما هى المناظر الطبيعية التى يمكن الاستمتاع بها، ومن هم السكان المحليون للمحميات وعاداتهم وتقاليدهم والمحور الأخير هو أين يمكنك التواجد داخل المحمية سواء فى معسكر أو مجرد زيارة.

وزيادة الوعى البيئى لدى المترددين على المحميات الطبيعية تكون عبر الدعاية وتوضيح تعليمات الزيارة، علاوة على توفير خدمات الزوار الرئيسية من دورات مياه وعلامات إرشادية وطرق ممهدة صالحة للمشى فيها، وكلها أمور تجعل الأثر الناتج عن السياحة أخف وطأة نظرًا لتطبيق قواعد السياحة المستدامة.

 

تجربة شرم الشيخ تنتقل للغردقة

منذ الإعلان عن اختيار مدينة شرم الشيخ لاستضافة فعاليات مؤتمر المناخ القادم COP27 بدأت الاستعدادات الحكومية على قدم وساق لتحويلها إلى مدينة خضراء بكل مرافقها من فنادق ومستشفيات ومواصلات عامة، وبسؤال المهندس محمد عليوة مدير برنامج السياحة المستدامة فى وزارة البيئة قال لـ«روزاليوسف» إنه يمكن تطبيق تجربة التحول للأخضر فى كافة المدن السياحية، ويوجد بالفعل خطة بتمويل مشروع مخصص للغردقة لتحويلها إلى مدينة خضراء، مضيفًا أن المردود المنتظر كبير؛ لأننا كلما حافظنا على الموارد الطبيعية كلما كانت السياحة مستدامة أى مستمرة لمدى أطول للأجيال القادمة ليس من الناحية البيئية فقط ولكن أيضًا من النواحى الاقتصادية بوصفها موارد للدخل، واجتماعيًا أيضًا عبر تشغيل سكان تلك المناطق وتوفير مصدردخل لهم، فضلًا عن الحفاظ على ثقافتهم المحلية.

وعن الوسائل المستخدمة فى الترويج للسياحة المستدامة قال مدير برنامج السياحة المستدامة فى وزارة البيئة: «نعمل على عدة محاور للترويج بالتعاون مع وزارة السياحة عبر تدريب القائمين على القطاع على مفاهيم السياحة المستدامة، وتقديم أكثر من دليل إرشادى لتطبيق معاييرها فى المجالات المختلفة سواء فى الفنادق أو المطاعم أو الرحلات، ويتم توضيح ما هو العائد المباشر لتطبيق هذا المفهوم على العاملين فى مجال السياحة، وبدورها تقوم وزارة السياحة بنشر هذه المفاهيم عبر منشورات يتم تعميمها على الغرف التجارية المعنية منها غرفة المنشآت السياحية والغوص».

زيارات افتراضية للمحميات الطبيعية

خلال جائحة كوفيد 19 برز استخدام تقنية الجولات الافتراضية  (VAR) فى المتاحف والمواقع السياحية العالمية، ولفت عليوة إلى تطبيق التقنية ثلاثية الأبعاد والزيارات الافتراضية للمحميات الطبيعية منها: محمية وادى الجمال فى مرسى علم وكهف سنور فى بنى سويف والوادى الملون فى نويبع ومحمية جبل المدورة ووادى الحيتان فى الفيوم  ومخميمات نويبع ومحمية الصحراء البيضاء. 

وعن التعافى فى قطاع السياحة ما بعد جائحة فيروس كورونا المستجد يرى المهندس محمد عليوة أنه سوف يتم أو بدأ بالفعل فى الحدوث وارتفعت أسعار الحجوزات فى المدن السياحية، نظرًا لزيادة الطلب لاسيما بعد تطبيق إجراءات التباعد الاجتماعى، وما ترتب عليها من آثار نفسية، ولكن الفكرة فى كيفية التعافى بمعنى أن زيادة الإقبال يجب أن يكون غير مرتبط بزيادة الضغوط على الموارد الطبيعية، لاسيما أن فيروس كورونا منح البيئة فرصة للتعافى و80% من السياحة معتمدة على الموارد الطبيعية؛ بالتالى نحتاج للحفاظ على البيئة ولكى تتعافى السياحة ينبغى أن يتم ذلك مع الحفاظ على البيئة وليس إهدارها أو تهديد سلامتها.

فيما يتعلق بضرورة وجود تعديل تشريعى يغلظ من العقوبات على محاولات التلويث أو التعدى على المحميات الطبيعية يرى عليوة أننا بحاجة لتعديل يسمح بالغرامات الفورية فى حالة وجود أى مخالفة بيئية، لأنه بحسب التشريع الحالى يجب أن تكون المخالفة المرتكبة كبيرة حتى تتحول لقضية، لكن لو كسر جزء من الشعاب المرجانية لابد من وجود آلية لفرض غرامة.