الإثنين 29 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
حوار المراكبية

حوار المراكبية

«عزومة مراكبية» مقولة نرددها كثيرا وهى تعتبر من المأثورات الشعبية فى التعبير عن الدعوة التى يعرف صاحبها أن المدعو لن يستطيع قبولها، المشهد المستمد منه تلك المقولة هو وجود مراكبى فى عرض البحر أو منتصف نهر النيل، يتناول وجبة من الطعام، ينظر الى الشاطئ فيجد رجلا مرتديا ملابسه الأنيقة، يتبادل معه التحية وعددا من الكلمات ثم يدعوه الى مشاركته الطعام فيرد الرجل شاكرا إياه قبل أن يهم بالانصراف، ولا تتحقق تلك الدعوة أبدا لأن تحقيقها ببساطة يحتاج أحد أمرين، إما أن يتحرك المراكبى إلى الشاطئ بقاربه لاستقبال الرجل وهو ما لم يحدث لأن المراكبى مشغول فى تناول الطعام، أو أن يقفز الرجل إلى الماء ويتجه إلى القارب عائما وهو ما لن يحدث على الإطلاق.



الآن وفى ظل شبكات التواصل الاجتماعى وبرامج الدردشة العديدة نجد العديد من المراكبية، وهنا الأمر لا يقتصر على دعوة على الطعام بل يتعداها إلى أن يقوم أحد المراكبية بالتعليق على منشور ما بأسلوب فظ وهو يعلم تماما أن من يوجه له هذا التعليق لن يستطيع أن يرد بنفس الأسلوب، لمست ذلك كثيرا فى الفترة الماضية عندما يحتد النقاش حول إحدى القضايا المصيرية أو التافهة كتشجيع فريق من فرق كرة القدم، حيث يقوم أحد المراكبية باستثارة البعض حيث يجب أن يكون الرد قاسيا أو حادا ولا يقوم الشخص الآخر بذلك لاعتبارات عدة منها تربيته واحترامه لنفسه ولباقى الأصدقاء الذين يشاهدون هذا الحوار الخارج.

من حوارات المراكبية أيضا ما يتم داخل غرف الدردشة حيث تجد أحدهم يرسل لك رسالة لبدء حوار فى أوقات غير مألوفة –بعد منتصف الليل مثلا- وهو يعرف أنك لن تستطيع الرد، ثم يأتى فى الصباح فيلومك على عدم الرد، أو أن يقيم أحدهم حوارا معك ثم تجده فجأة قد توقف عن استكمال الحوار بدون أى إشارة أو رد يوضح أن الحوار قد انتهى، كثيرا ما يحدث هذا فتجد حوارا محتدما ثم ينتهى فجأة لأن المراكبى قد توقف عن استكماله بدون أى إشعارات تدل على ذلك، العجيب أنه قد يستكمل الحوار بعد عدة أيام أو يبدأ فى فتح حوار جديد بدون أى اعتذار عن عدم استكمال الحوار المبتور السابق وكأن شيئا لم يكن، الأعجب أن لومه على عدم الاستكمال قد يقابل بعاصفة من الاستهجان أو بعدد من الأعذار الواهية مثل أن البطارية قد فرغت أو أنه قد خلد إلى النوم فجأة.