الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
تزييف التاريخ.. لماذا؟

تزييف التاريخ.. لماذا؟

واحد من أهم أمراض الإنسانية التى عانت ولا تزال منه هو تزييف التاريخ لذا كثيرا ما نسمع أن التاريخ كله مزور أو التاريخ ملىء بالأخطاء  والتاريخ غير حقيقى  أو أن التاريخ ليس صحيحا وغيرها من الكلمات الكثيرة التى تعبر عن اتجاه ونوايا وضمير قائلها أو من يرددها لذا  يجب أن نعترف جميعًا  أننا نجهل الكثير من التاريخ ولا نعرف منه إلا اسمه ثم بعض الحوادث والأسماء المجملة عن حضارات مختلفة، لكن المعرفة التاريخية  نحن بعيدون عنها، وهذا شيء يعيب وجود الإنسان، فالتاريخ لا غنى عنه، ولكن جهل البعض إن لم يكن الكل  بالتاريخ جاء نتيجة ارتباط التاريخ بالحكم والسلطة والسياسة  فى معظم الفترات الزمنية فى العصور والحقب المختلفة وإبراز  الصراعات الدموية فقط كخط عام لحركة التاريخ رغم أن هذه الصراعات حتى وإن كانت دموية لا تتعدى لحظات بالنسبة لعمر الحضارات الإنسانية.



والأهم من ذلك جعل التاريخ العرقى مقدما على التاريخ العام لكل حضارة من الحضارات حول العالم وإبراز كل ما هو سيئ ومنقوص فى التاريخ، وكأنه التاريخ الحقيقى لمجتمع ما وتعميم الحوادث الفردية على جميع أطياف المجتمع والطعن فى كل أحداث التاريخ، حتى لو كانت صحيحة وذلك بابتكار مناهج ليس لها علاقة بالعلم والبحث العلمى وقواعد التاريخ، ومن ثم التشويه. وبعد التشويه يمكن الحذف والإضافة، وهو ما يعد تزويرًا للحقيقة التاريخية، ثم الطعن فى الحوادث التاريخية بحجة أن النقد والبحث والنقاش يمكن تطبيقه جملة وتفصيلًا، كل ذلك لا عيب فيه، وإنما القضية أن من يقوم بكل هذا ليس له علاقة بالعلم والتاريخ إجمالا مرتبط بالإنسان وله منهجية فى سرده ، إنما الخطر الحقيقى أن هذا التزييف يأتى من أشخاص أكاديميين ومثقفين يعرفون قيمة الحقيقة التاريخية التى لا تعلوها قيم أخرى، وكل ذلك نابع من اختلاف فى رأى أو توجه سياسى أو حقد طبقى أو مذهب فلسفى أو فكرى.. إلخ، أو ربما غرض شخصى أو مصلحة ذاتية وللأسف الشديد التاريخ سيظل يعانى من أنصاف المثقفين  وغير الثقات الذين يكتبونه بمداد باهت أو مشكوك به، لكن على الجانب الآخر وفى ظل التنوع الثقافى والفكرى والمجتمعى فهناك دائما الأكيد من الحقائق التاريخية التى لا يمكن العبث بها.