الإثنين 29 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
آخر أيام الهرى

آخر أيام الهرى

السادسة إلا خمس دقائق  صباح الخميس   الخامس من أغسطس 2027



استيقظت فى الصباح قبل ميعاد المنبه بخمس دقائق مثلما يحدث كل يوم، أعرف أنها الساعة البيولوجية، لا يمكن الاعتماد عليها وتعطيل المنبه، فهى لا تعمل بكفاءة إلا أيام العطلات، غير ذلك سيمتد أمد النوم ساعتين على الأقل، قبل أن أترك السرير أمسكت بالهاتف المحمول، لم أهتم بقراءة المكالمات الفائتة التى لم يتم الرد عليها ولا الرسائل القصيرة المتعددة، بل توجهت مباشرة الى تطبيقات التواصل الاجتماعى لأتابع ما حدث خلال ساعات النوم، أتذكر قبل الخلود إلى النوم ان النقاشات كانت محتدمة فى عدد من الموضوعات التى لن أستطيع أن أوصمها بالتفاهة لأننى أتذكر آخر مرة أعربت عن هذا الرأى فما كان من أغلبية المستخدمين الا أن تركوا الموضوع الأصلى وتفرغوا للهجوم على شخصى المتواضع مع ما لذ وطاب من الشتائم والسباب.

أتذكر قبل النوم أن النقاش كان حول موضوعات يراها الجميع حيوية، عن ظهور كتكوت يتحدث العربية فى هولندا، موضوع آخر جدلى حول وظيفة الموناليزا الأصلية، ولماذا الأرجل فى لوحة العشاء الأخير خمس عشرة قدما فقط على الرغم من أن الحضور 12 فردا وغيرها من الموضوعات.

المفاجأة أن كل تلك الموضوعات قد اختفت تماما، أمعنت البحث فلم أجد إلا بعض الأخبار الحقيقية الموثقة وعدد من الحكم والآيات القرآنية وعدد كبير من الروابط لمواقع الكترونية خاصة بالموسيقى والأدب والشعر والسياسة والاقتصاد وعدد آخر لا بأس به من المواقع العلمية ومواقع تقدم دورات تدريبية مجانية فى موضوعات الذكاء الاصطناعى وبرمجة الروبوتات وإنترنت الأشياء وتحليل البيانات.

اعتقدت ان الهاتف به عطب ما فما كان منى الا ان أغلقته وأعدت فتحه مرة أخرى وللدهشة لم اجد الا تلك الموضوعات والروابط، تركت الهاتف جانبا وارتديت نظارة “الميتافيرس” وللعجب لم اجد أى افاتار يتحدث فى موضوعات الأمس، الجميع يتحدث فى أمور مهمة وهادفة ويتناقل موضوعات وأخبارا حقيقية.

شعرت ببعض الحنين إلى “الهرى” القديم ثم سرعان ما انطلق جرس المنبه معلنا عن حلول الساعة السادسة صباحا، أمسكت الهاتف مرة أخرى فوجدته على الحالة التى تركته عليها أمس وأن ما حدث خلال الخمس دقائق الأخيرة كان مجرد حلم لم يتحقق.