الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«الخفـاش»

«الخفـاش»

محير جدًا.. «الخفاش».. يطير ولا يبيض.. يلد ويحيض.. طائر ومن الثدييات.. هو الوحيد من الثدييات القادر على الطيران.. يعشق الظلام.. أعمى تقريبًا فهو لا يرى يوميًا سوى ساعتين.. ساعة بعد الغروب.. وساعة بعد شروق الشمس.. ينام معلقًا رجليه فى السقف ورأسه لأسفل.. مصاص دماء.. أخطر ما فيه يعيش فى الظلام.. وينشط فى الظلام.. عدو النور، يتغذى على أكل الذباب والبعوض، ومص الدماء.. يأخذ من الإنسان جلده، ومن الطير صورته.. ومن الثعلب أنيابه، تمامًا كالشخص المنافق الذى يعشق الظل وأن يعيش فى الظلام.. يحيك المؤامرات الدنيئة.. يخدع الناس حتى يحصل على ما يريد، ويقتات على دمهم.



«الرجل» الخفاش مؤذٍ ومحير أكثر من «طائر/ حيوان».. الخفاش.. لا تستطيع أن تصل معه لنتيجة فى أى شىء.. يقدم الشر كهواية ومتعة.. ويقتات على دم الناس ولا يتردد فى «الأذية».. يمكن العثور على الخفافيش فى كل مكان تقريبًا... يقضون ساعات طويلة فى الاختباء بالشقوق والكهوف .

توصف الخفافيش بالشريرة والمخيفة، بسبب عيونها المزينة بالخرز وأنيابها الحادة.. ويوجد أكثر من 1300 نوع من الخفافيش فى العالم، ما يجعلها ثانى أكبر مجموعة من الثدييات.. فيما يوجد عدد لا نهائى من الخفافيش البشرية وسجل نفسها كأكبر مجموعة محيرة فى العالم.

«الخفافيش» هى أيضًا المضيف الطبيعى للعديد من الفيروسات ولها دور رئيس فى انتشار «كوفيد19» الشهير بكورونا.. الرجل الخفاش هو نفسه فيروس ينتشر فى جسم بلد بأكمله... فهؤلاء الخفافيش البشرية  يحملون فى عقولهم ونفوسهم المريضة فيروسات الجشع والطمع، وحب السلطة والتحكم فى البشر.

الأذنان الكبيرتان بشكل غريب لدى الخفاش يحتاجهما من أجل تحديد الاتجاهات تمامًا كـ «الرادار». فالخفافيش تصدر موجات صوتية عالية التردد من حناجر لا يسمعها البشر، وتقوم برصدها مجددًا من أجل تكوين خريطة لمحيطها بدقة شديدة.. ويعتمد الخفاش على هذه الميزة للصيد والتحرك.. الرجل الخفاش يمتلك رادارات وأذن تسمع دبة النملة بارع فى رسم خريطة لمصالحه والتقرب تذللًا لمن فى يده الأمر.. أى أمر.. فهو طريقه الذى ينفذ منه لكل ما يريد.. الرجل الخفاش يهمس فحيحًا كالأفعى فلا يسمعه البشر، لكن همسه قد يودى بحياة كثيرين.. يقلب حياتهم رأسًا على عقب..يحول جنتهم لجحيم.

تحبوا تعرفوا «الرجل الخفاش» ممكن أذيته تصل إلى أى مدى؟... يحكى أن ملكًا رجع إلى قصره فى ليلة شديدة البرودة وكان يرافقه «تابع من هؤلاء الخفافيش».. الملك رأى حارسًا عجوزًا ضعيفًا يرتدى ملابس خفيفة لكنه صامد ويقف نوبة حراسته بكل صدق وأمانة... الملك تعجب من قدرة الحارس على التحمل.. فسأله: ألا تشعر بالبرد؟.. ردّ: بلى أشعر به لكن هذا عملى الذى أعيش منه.

الملك وعد الحارس بإرسال ملابس ثقيلة له لتساعده على تحمل البرد فى هذه الليلة.. ودخل قصره فبدأ تابعه «الخفاش» يوسوس له: يا مولاى لكنك لو أرسلت للحارس ملابس ثقيلة تدفئ جسده قد ينام ولا يحرسنا.. وقد يعتاد على الدفئ وكرمك فيطمع فى المزيد ويطلب أجرًا أكبر.. بصراحة يا مولاى بساطتك مع هؤلاء وإعطائهم أهمية والسماع لهم والاستجابة لمطالبهم ستنال من هيبتك وهيبة الحكم... الملك استمع للتابع «الخفاش» ولم يرسل ملابس ثقيلة للحارس.

صباح اليوم التالى وجدوا الحارس قد فارق الحياة وبجواره ورقة مكتوب فيها رسالة للملك.. كنت راضيًا وأتحمل البرد.. أصمد كل ليلة حتى أعود إلى كوخى الدافئ وأنام.. لكن وعدك لى بملابس ثقيلة سلب قوة تحملى فلم أستطع الصمود.. مات الحارس بسب التابع «الخفاش» الذى منع عنه الخير.

أكثر من 500 نوع من النباتات تعتمد على الخفافيش فى عملية تلقيح الأزهار، فلديها ألسنة طويلة للغاية لهذه المهمة «التلقيح»... وبعض الخفافيش طويلة الأنف كما الرجل الخفاش «حاشر مناخيره فى اللى مالوش فيه»، رضيت أو لم ترض سيتدخل فى حياتك.. فى الظاهر يقدم نصائح.. وفى الباطن يريد أن يعرف كل شىء عنك استعدادًا للحظة المناسبة التى سينقض عليك فيها وينتهى منك سريعًا لتكون مجرد سلمة فى طريقه للصعود.. أنف الرجل «الخفاش» يشم الفريسة على بعد كيلومترات.. تجده يدس أنفه رويدًا رويدًا حتى يدخل فى حياتك أو يقحمك فى موضوع معين، قد يكون ذلك للسيطرة، أو لاستغلالك واستغلال مهاراتك.. يتدخل فى كل صغيرة وكبيرة.. يريد أن يعرف كل تفصيلة عنك.. يتلذذ بنقل الحكايات ونسج حكايات وهمية عن الآخرين لتسلية سيده أو إثارة غيرته فلا فرق.. فالمهم هو أن يكون مقربًا ومسموعًا ونافذًا.

على الرغم من أن الخفافيش تحصل على مولود واحد فى السنة، إلا أن معظمها يعيش طويلًا مقارنة بغيرها من الثدييات، وهو ما يفسر أعدادها الكبيرة.. ويرى العلماء سبب طول أعمارها فى قدرتها الفريدة على تحمل الفيروسات التى يستضيفونها ولا يمرضون بها... نفس قدرة الرجل «الخفاش» على التحمل.. جلد سميك.. ودم بارد.. لا يشعر بالإهانة ويعتبرها تفضلًا من سيده عليه وقد يتحاكى بها وينشرها بنفسه ليدلل على قربه وحظوته عند سيده فهو يتباسط معه ويشتمه!.. قادر على التلون والابتسامة الصفراء جاهزة فى كل المواقف حتى المخزية منها.

احذر من الرجل «الخفاش» فلا هو طائر ولا هو حيوان.. يحيض ولا يبيض.. وجدودنا قدماء المصريين انتبهوا «للى بيحشر مناخيره فى كل حاجة» وهناك بردية لأجدادنا كانوا بيشيلوا لواحد مناخيره عشان كان حاشرها فى اللى ملوش فيه.