الإثنين 29 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
العـامـود الثانى

العـامـود الثانى

العصر اليونانى الرومانى هو العامود الثانى من أعمدة الشخصية المصرية مثلما أورده الدكتور ميلاد حنا فى كتابه الشهير بعنوان «الأعمدة السبعة للشخصية المصرية» والتى كان العامود الأول فيها هو الانتماء الفرعونى وهو الذى يهتم به الغالبية العظمى ويفخرون به لاعتبارات كثيرة ولا يتم إلقاء الضوء على العصر اليونانى الرومانى على اعتبار أنه عصر احتلال صرف.



ولكن فى الحقيقة فإن المصريين قد استقبلوا الإسكندر الأكبر-المقدونى- بالكثير من الارتياح والترحيب ليخلصهم من احتلال الفرس الذى جاء بعد انتهاء عصر الفراعنة والذى لم يستمر طويلا ويشبه الكاتب بنفس الارتياح الذى قابل به المصريين العرب عند قدومهم الى مصر ليخلصونهم من الاحتلال البيزنطى والذى تعتبر امبراطوريتهم جزءا من الامبراطورية الرومانية القديمة.

بعد قدوم الإسكندر الأكبر إلى مصر بسنتين غادرها لاستكمال حروبه ضد الفرس تاركا الأمر لأحد قواده «بطليموس» الذى أسس حكم البطالمة والذى دام حتى سنة 30 ق.م. استطاع خلالها ضم بعض الأقاليم إلى مصر كبرقة وجنوب سوريا وفينيقيا وفلسطين وقبرص، ولقد سميت تلك الحقبة بالعصر اليونانى نتيجة ارتباط حكم البطالمة باليونان وهو ما جعل مصر تتأثر كثيرا بالفكر والحضارة والفلسفة اليونانية وخلال فترة عصر البطالمة –بطليموس الثانى عشر- اعترف قيصر روما به ثم تنازع الحكم كل من ابنه وابنته-كليوباترا السابعة-التى وقعت فى غرام يوليوس قيصر ومن بعده ماركوس انطونيوس ثم عندما انتتصر عليه اوكتافيوس، دخل الإسكندرية وهنا انهارت دولة البطالمة وأصبحت مصر ولاية تابعة للإمبراطورية الرومانية حيث تم خلال تلك الفترة التبصير بالمسيحية فى مدينة الاسكندرية من خلال القديس مرقس الرسول وهو ما قاومه الرومان بكل شدة وقسوة.

هذا الامتزاج خلال تلك الحقبة أفاد اليونان والرومان مثلما أفاد مصر حيث أخذوا عنها علوم الفلك والعمارة والإنشاءات وأخذت منهم مصر فكر الفسلفة اليونانية من خلال قممها الثلاث سقراط وافلاطون وارسطو.

وخلال تلك الفترة أيضا دخلت اللغة اليونانية إلى مصر وتعلمها المصريون واستخدموها فى اعادة كتابة اللغة المصرية القديمة بالحروف الإغريقية وكانت الفترة التى بدأت فيها المسيحية فى الدخول والانتشار كما سبق الإشارة، كما تم أيضا إنشاء جامعة ومكتبة الإسكندرية والتى ضمت حوالى 700 الف كتاب حتى امتدت ألسنة اللهب إليها عام 48 ق.م بفعل إحراق اسطول يوليوس قيصر خوفا من أن يستولى عليه الأعداء ولكن وبفضل جامعة الاسكندرية استمرت الحضارة الإغريقية فى الازدهار خلال العصر المسيحى وحتى عام 529 م حيث كان من أهم إنجازات المكتبة القيام بترجمة التوراة من العبرية الى اليونانية وذلك قبل دخول المسيحية وانتشارها.