النصيحة على الملأ..!

«عمل المرأة» عنوان لا يزال لافتًا، وقضية لا تزال تصنف على أنها شائكة، فى عصر من المفترض أننا وصلنا فيه لقدر لا بأس به من التطور والثقافة والانفتاح، وبعد أن كانت تناقش هذه القضية بأشكال مختلفة فى أعمال فنية متنوعة، منها الكوميدي، ومنها التراجيدي، باتت ترندًا على السوشيال ميديا، بعد النصيحة التى أدلت بها دكتورة شيرين راغب نقيب أطباء القاهرة لطالبات طب الأزهر بأسيوط فى حفل تخرجهن.

قالت “غالب” فى موقع الفيديو المنتشر الذى أثار الكثير من البلبلة: “الطبيبات الجميلات اللاتى تخرجن اليوم يجب أن تحرصى على بيتكِ وأولادكِ أولًا ثم مهنتكِ”، إياكِ أن تهملى بيتكِ من أجل مهنتك، لو أهملت وظيفتكِ توجد ألف طبيبة، لكن أولادكِ وبيتكِ لهم أم واحدة فقط، أنا فى بداية حياتى تركت تخصص “كيلينكال” من أجل أولادي، بعد أن وجدت نفسى أهملتهم بشدة”، وقد أزعجت هذه النصيحة سيدات مصر، ربما قد يكون خانها التعبير لكن الأكيد أن التوقيت لم يسعفها أيضًا. 

دكتورة شيرين راغب أود أن أخبرك أن المرأة المصرية قادرة على أن تحقق التوازن بين بيتها وأسرتها، وهذه معضلة لم تقف يومًا ما فى وجه أى امرأة طموحة قوية قادرة على قهر الصعاب، وأن عملها فى مهنة الطب أو أى مهنة صعبة أخرى لا يعنى أنها ستقصر فى حق أبنائها أو أسرتها، وأن المرأة المصرية تثق بإمكاناتها وتقدر إيمان القيادة السياسية بها وإلا ما كنا وجدناها فى منصب وزيرة ومحافظ ونائب محافظ وقاضية ونائبة برلمانية وغير ذلك من المناصب القيادية ومناصب صنع القرار التى تحتاج لتركيز ودقة، تؤدى دورها تجاه بلدها بحب وإخلاص وتفانٍ، وتعشق بيتها وأسرتها ولا تقصر تجاه أى منهما، فهى لديها المزيد والمزيد الذى تريد أن تقدمه عن طيب خاطر.

دكتورة شيرين راغب علمونا أن النصيحة على الملأ فضيحة، والنصيحة التى قدمتها للطالبات الخريجات كانت بمثابة الفضيحة، لأننا كنا ننتظر منكِ تحميس هؤلاء الفتيات على تخطى العقبات ومواجهة الصعاب التى تقابل أى خريج فى سوق العمل،  كنا ننتظر منكِ أن تبعثى برسالة طمأنة لهؤلاء بأن المرأة التى تنجح فى عملها حتمًا ستنج فى بيتها وأسرتها، كنا ننتظر أن تشجعى هؤلاء الخريجات على الجد والاجتهاد والعمل للمساعدة فى بناء الوطن، كنا ننتظر أن تؤكدى أن وصول المرأة لأعلى المناصب يكون عن استحقاق وجدارة وأن مقولة للرجال فقط انتهت وعفى عليها الزمن.

تؤكد العديد من الدراسات أن عمل المرأة يُفيدها شخصيًا ويفيد أبناءها وزوجها ويُحسن من مستوى معيشتهم، كما أن المرأة التى تعمل تشعر بثقتها بنفسها، وتكون قادرة على اتخاذ قراراتها باستقلالية أكبر ودون ممارسة الضغط والتأثير عليها من قبل الآخرين، ويحميها من ممارسة الابتزاز الاقتصادى ضدها، لأن المرأة العاملة تشعر باعتمادها على نفسها، فالعمل يعطى للمرأة قوة مادية وقوة معنوية، ويُساعدها فى تأمين متطلباتها دون أن تكون مضطرة لطلب أى عونٍ من الآخرين، وهذا يعزز قوتها أكثر، كما أن المرأة العاملة الناجحة لا تكون مقصرة ببيتها، إنما تدخل البهجة والحيوية إلى البيت وتغير المزاج للأفضل ويتوسع إدراكها لبعض الأمور مما يجعلها تستطيع أن تتخطى المشاكل الحياتية.

تحية لكل امرأة تعلمت وتحملت صعوبات وسخافات لكى تعمل بإخلاص وحب وتؤدى دورها على أكمل وجه.. تحية لكل طبيبة تعلم أهمية دورها، عالجت مريضًا وأنقذت حياة إنسان دون تأفف أو تذمر، وتحية لكل شخص شجع ودعم وقدر كل امرأة عاملة تقوم بأدوار لا حصر لها.. أنت بطلة وتستحقين كل التحية والتقدير.