الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا
الموظـف الجـدع

الموظـف الجـدع

بعيدا عن كل قواعد التطوير المؤسسى والهياكل الإدارية ونظم ونظريات إدارة الموارد البشرية بما تشمله من وسائل للتحفيز والتدريب وقياس الأداء والإصابة والعقاب يطل علينا نموذج متكرر رأيته فى العديد من المؤسسات الحكومية والشركات الخاصة ولم أجد له مسمى إلا «الموظف الجدع».



بداية لا أعتقد أن نسبة تواجد الموظف الجدع فى المؤسسات المختلفة لا تزيد عن ١٠٪ من إجمالى قوة العمل ولكن وببساطة لايمكن للمؤسسة أوللوحدة الإدارية العمل بدون هذه النوعية من الموظفين.

الموظف الجدع يتسم بالحماس والشغف والأمانة وإتقان عمله وبعض من أعمال زملائه أيضا بحيث إنه يستطيع حال غيابهم أوتقاعسهم أن يقوم بأداء تلك الأعمال ويتم إنجازها ولا يحدث أى تقصير فى أداء الوحدة الإدارية أو المؤسسة ككل.

الموظف الجدع لا تحركه المكافآت المالية ولكنه يشعر بشغف وحماس للتعلم والإنجاز وأداء الأعمال على أحسن وجه فهو يشعر أن مكان العمل مثل بيته تماما ويريد دائما أن يبدو فى أحسن صورة وأفضل سمعة وأكثر إنتاجية وفاعلية ولا يربط هذه المشاعر بما يحصل عليه من تقدير مادى ولا براتب شهرى ثابت بل يكفيه جدا أن يرى أثر ما يقوم به إيجابيا ويكفيه أيضا عبارات التشجيع والثناء والعكس صحيح فإنه يتألم بشدة فى حالة تدنى مستوى وحدته الإدارية أومؤسسته ككل كما قد تقتله كلمة ذم أو تقريع أو إهانة.

من خصائص الموظف الجدع أيضا أنه لا يبخل على زملائه بالمعلومة ولا يخفيها لكى يكون هو الأوحد أو لكى يشعر المؤسسة بأهميته وهو لا يستنكف عن أداء أى مهمة توكل إليه مهما كانت بسيطة أوخارج اختصاصه الأصلى بل أحيانا يتطوع ليساعد فى مهام أخرى لم يطلب منه المشاركة فيها ولكنه يقوم بذلك بدافع من حب المؤسسة ومساعدة الزملاء بدون أن ينتظر رد المساعدة عندما يكون فى حاجة إليها فليس هذا ما يحركه لها.

المشكلة التى تقابل الموظف الجدع أحيانا هو عدم وصوله إلى المستوى الإدارى المناسب له والمستحق نتيجة أن مؤهلاته على الورق قد لا ترتقى للحد الأدنى المطلوب للمنصب فكثيرا ما يعتذر عن حضور الدورات التدريبية أوالدراسات العليا نتيجة انشغاله فى أداء الأعمال فلا يحصل على تلك الدورات مثل باقى زملائه الذين يستطيعون بسهولة إثبات جدارتهم -على الورق على الأقل-للحصول على تلك الوظيفة.

فى النهاية لا أجد فى وسعى إلا أن أقدم تحية خالصة لكل موظف جدع فى أى مؤسسة وفى أى مكان حول العالم ونتمنى أن ترتفع نسبتهم وأن يتعلم منهم الجميع كيف يكون الإخلاص والإتقان والإيثار.