السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«الغراب»

«الغراب»

يمكن لونه الأسود السبب الرئيسى إن ناس كتير بتتشائم منه.. مع أن فيه ناس «بيضاء»  تعيش حياة «طرية» وتتلون 



كما تشاء.. وتتفنن فى سرقة الأرواح والحقوق، قلوبهم أسود من لون «الغراب» بكثير ومع ذلك تخرج يوميا لتنصح الناس، نصائح «غربائية» تثير القلق والتشاؤم والحزن والخوف.

«الغراب»رمز التشاؤم الخالد والأبدى، حياته مليئة بغرائب وحكايات لا تقل إثارة عن حكايات غربان أخرى تبث سمومها. 

وتنشر الغل والحقد والضغينة.. غربان تمتلك سماجة ولزوجة  وقدرة لا متناهية على التلون والتودد لكل سيد عابر، والانقلاب على كل سيد راحل، لتنال ما تريد أو لتنفيذ ما يطلبه أسياد جدد  ممكن يملكون أرواح الغربان  الخربة.

«غربان « تجيد التسلل إلى حياتك وتتعمد التشويش وتثبيط الهمم.. نشر الخوف والقلق وعدم الثقة، يصنعون عالما موازيا مليئا بالأشواك، يملأون الرؤوس بمعلومات مغلوطة أشبه بالحقائق فيفقدونك تركيزك وتفكيرك وقدرتك على فرز الغث من السمين، يعملون على إفقادك التركيز اللازم والواجب لخلق واقع يحمل قيمة أفضل.

«غربان» شغلها الشاغل حشر كم هائل من المغالطات ضمن المعلومات الكثيرة التى تستقبلها حواسنا كل ثانية والتى يمكن أن نطلق عليها مغالطات منطقية، فظاهرها  التنوير ونشر الوعى والتحذير مما هو قادم وباطنها إجبار الآخرين على رؤية العالم كما  يرونه هم، لا كما هو عليه، يروجون للأسوأ تحت شعار: استمتع بالسيئ فالقادم أسوأ» يحاربون بقوة واجتهاد لا مثيل لهما  نشر أى ايجابيات، يحرمون تحريم الدم الترويج للنجاح وقيمتى العمل والاجتهاد.. يجبروننا على الإيمان برؤيتهم وتحليلهم لما هو قادم «الترويج لأننا نعيش فى عالم لا يمكننا تجاوز تحدياته وعقباته، وبأن سلوكنا لن يصنع فارقًا، وبأن التغيير غير ممكن، ولا مفر من  الاستمرار مع المصير الأسود.

«الغراب» مثلا يتغذى على المحاصيل الزراعية والفاكهة والديدان والحشرات والقواقع وبيض الطيورالأخرى والأسماك، وأيضا الحيوانات الميتة والمقتولة فى الشوارع ويقوم بتخزين غذائه ويخفيه بأوراق الشجر والأكياس وغيرها.. والغربان من بنى البشر يأكلون أيضا اللحم نيئا ومطهيا وميتا بدم بارد.. يقتاتون الفتنة والنميمة.. يثيرون الرعب فى كل مكان.. يقدمون أنفسهم «على أنهم مصلحون يبتغون الصالح ويتوقون للأفضل والأجمل، وفى حقيقتهم ينشرون التشاؤم، يتوقون إلى السيطرة الكاملة عليك، فلا تستطيع صنع واقع جيد تستطيع من خلاله تحقيق النجاح.

«الغراب» يصدر 250 نوعا مختلفا من الأصوات كلها فى الظاهر نعيق.. لكن فى حقيقتها هى أصوات عالية ذات ترددات مختلفة، وهذه الترددات تعتبر لغة التعارف فيما بينهما، فلكل نوع من الغربان صوت بتردد معين وهذه الترددات بمثابة شفرات استخبارية للمجموعة الواحدة، فعند سماع أحد الغربان لصوت غراب آخر غريب عن نوعه أو غريب عن قبيلته. 

فنجده يصدر أصواتا مستمرة عن  طريقها تتجمع كل الغربان وتحشد جموعها وتتصدى لهذا الغراب الغريب عنهم وتبدأ فى قتاله.

«غربان الإنسان» لا يختلفون كثيرا.. أنكر الأصوات وأعلاها نعيقا وأكثرها مثارا للاشمئزاز والسخرية هى التى تبقى، وتتجمع كل هذه الأصوات فور شعورها بالخطر على مصالحها وقد تبدأ حربا لا هوادة فيها للحفاظ على مكاسبها. 

والاستمرار فى النعيق وإبعاد أى غراب جديد يريد أن يقدم نفسه آملا نيل بعض من الفاكهة واللحم التى اعتاد الغربان «طائر وإنسان» التهامها ميتة أو مذبوحة.

«الغراب طائر أو إنسان» سيد الانتقام، يخطط جيدا لنيل ما يريد، يتظاهر بالضعف والمظلومية حتى يتمكن من الانتقام فيتفنن فى انتقامه فى تلويث السمعة والإيذاء، والمثير أنه يفعل كل ذلك فى الخفاء فهو أجبن من أن يواجه.

«الغراب طائر أو إنسان»  بارع فى التقليد فلا هو قادر على الابتكار والتفكير مجرد صدى لمن يحركه ينفذ المطلوب منه حرفيا، فلديه قدرة غير عادية على  تقليّد حتى الأصوات بشكلٍ بارع.

«الغراب طائر أو إنسان» لص بطبعه يسعى خلف كل ما له بريق، صفيح أو ذهب.. فكل ما يلمع يجذبه فيذهب إليه ليناله حتى لو سرقه ثم يحتفظ به لا يدرى ماذا يفعل به ولا يستفيد شيئا من سرقته للأفكار أو للأرواح سوى ارضاء نزعته فى تملك كل ما يلمع، وأغلب الظن أن هذه العادة السيئة ناتجة عن طموحه الجامح والذى لا يتواءم مع قدراته الضئيلة فهو بلا مواهب.. بلا قدرة على إثبات الذات أو المنافسة الشريفة.

«الغراب الطائر أو الإنسان» من غرائبه أنه يقترب دائما من النسر يمثلون له ازعاجا لكنهم أبدا لا ينالون منه شيئا.. فالنسر يصطاد ويأكل طعامه والغربان تحوم حوله تقتات على ما يتركه لهم.. فهل تكتفى الغربان؟!

بعض الغربان تظن أن ترفع النسر وعدم مواجهتها، خوف منها.. فتبدأ فى التمادى، يقف الغراب على ظهر النسر ويبدأ فى نقر رقبته والنسر لا يستجيب له.. كل أمل الغراب وقتها أن يقال عنه دخل معركة مع النسر.. يتمادى الغراب أكثر وأكثر.. ويواصل النسر تجاهله أكثر وأكثر  ثم يعطيه الدرس الأخير.. يحلق النسر عاليا والغراب يقف على ظهره. 

لحظات من السعادة الوهمية يعيشها الغراب الذى يحلق لارتفاعات لم يحلم بها ثم فجأة  يجد نفسه لا يستطيع التنفس يسقط السقوط المدوى.. فلا ارتفاعه الكبير جعل منه  نسرا  حقيقيا قادرا على التحليق عاليا  ولا نال شرف الدخول فى معركة مع النسر.

ألم أقل لكم إن «الغربان»  تمتلك سماجة ولزوجة  وقدرة لا متناهية على التلون والتودد لكل سيد عابر، والانقلاب على كل سيد راحل، لتنال ما تريد أو لتنفيذ ما يطلبه أسياد جدد ممكن يملكون أرواح الغربان  الخربة.

احذر الغربان.. واحذر إضاعة الوقت معهم.. فهؤلاء لا يجيدون سوى التقليد، تنفيذ الأوامر، بث السموم ونشر التشاؤم والغل والحقد والضغينة.